كتب / حافظ مراد

في إحدى القرى الريفية في اليمن، حيث الظروف القاسية والوضع المأساوي الذي خلفته سنوات من الحرب والدمار، يبرز نور الأمل والابتكار من خلال أصغر أبطاله الأطفال، ورغم الحرمان والصعوبات، يجد الأطفال اليمنيون طريقة ليس فقط للتأقلم مع الواقع الصعب الذي يعيشون فيه بل وأيضاً لصنع لحظات من الفرح والبهجة، ويتجلى ذلك بوضوح في كيفية تعاملهم مع ندرة الألعاب والموارد، حيث يبدعون بطرق مذهلة بإعادة تدوير النفايات وتحويلها إلى ألعاب مسلية.

واحدة من أروع الأمثلة على هذا الإبداع هي كيفية صناعة الأطفال لسيارات اللعب من مواد بسيطة ومتاحة… يأخذون قربة ماء فارغة، وهي عنصر يمكن العثور عليه بسهولة، ويتحول في أيديهم إلى هيكل رئيسي للسيارة، الإبداع لا يتوقف هنا؛ فمؤخرة أحذية قديمة تُستخدم كإطارات، وغطاء القربة يتحول إلى عجلة، بينما تُستخدم عصا طويلة مثبت عليها قطعة بلاستيك دائرية للتحكم في السيارة.

هذه الألعاب التقليدية المصنوعة يدوياً ليست مجرد وسيلة للترفيه فقط؛ بل هي ايضاً دلالة على الصمود والمرونة أمام الوضع الصعب والأحداث المأساوية، وبهذه الأعمال البسيطة يعلم الأطفال أنفسهم ومن حولهم معنى الاستدامة وأهمية إعادة التدوير بوقت مبكر من حياتهم، فهذه العملية في نظري تعزز من مهارات الأطفال التحليلية والإبداعية وتشجعهم على الابتكار وحل المشكلات بموارد بسيطة ومحدودة.

مشاهدة الأطفال وهم يصنعون الفرحة من النفايات تعتبر مصدر إلهام وتذكير بالروح البشرية القوية التي يمكن أن تتغلب على الظروف الأكثر صعوبة، وعلى الرغم من الظروف المحيطة بهم، يستمر هؤلاء الأطفال في اللعب، والابتسام، وتحدي الصعوبات، مؤكدين بذلك قدرتهم في الحفاظ على الأمل والسعادة في الأوقات العصيبة.

يرسل هؤلاء الأطفال دروساً للعالم كله؛ من ريف اليمن المتألم، وتتفتح زهور الأمل والإبداع، تذكيراً بأن الفرح والابتكار يمكن أن ينبتا في أقسى البيئات، إنهم يعلمونا أنه، حتى في الظروف الأكثر تحدياً، يمكن للإنسانية أن تجد سبيلاً للابتسام وإشعال شعلة الأمل.

حديث_الصورة