ابحث في الموقع

الحديدة ..وإشعال الحرائق

الحديدة ..وإشعال الحرائق

كتب / رشاد خميس الحمد
الجمعة 26 يوليو 2024

لاتزال تداعيات الاحداث المتسارعة في البحر الاحمر ومضيق باب المندب المرتبطة بحرب غزة تعقد من واقع الازمة اليمنية وتجعل التحالف الدولي يتدرج وسط المراحل في محاولة منه لتحجيم قدرات الحوثيين ولكن دون جدوى حيث اعتمد التحالف الامريكي -البريطاني : في مرحلته الاولى على مايسمى باستراتيجية الردع التي ترتكز على محاولة منع الاعتداء على السفن التي تنخر في عباب البحر وذلك تارة بالجهود الدبلوماسية وتارة أخرى بتخويفهم وتهديدهم وإرسال الغواصات و القطع البحرية والمدمرة ايزنهاور لتجوب البحار والمحيطات ولكن تلك الاستراتيجية باتت بالفشل بل زادت صنعاء قوة وشراسة مما اضطر التحالف الدولي إلى الانتقال إلى المرحلة الثانية وتنفيذ إستراتيجية جديدة تقوم على فكرة التحطيم اي تحطيم قدرات صنعاء الصاروخية والمسيرات وأماكن تواجدها وتصنيعها حيث أعلنت إدارة بايدن عن إطلاق عملية عسكرية أسميت حينها (بحراسة الازدهار) وذلك بطلعات جوية ينفذها سلاح الجو الامريكي والملكي البريطاني ولكن تلك العملية عادت بخفي حنين حيث لم يحقق سلاح الجو اي ناجح يذكر من شأنه أن يمثل ضغط على صنعاء بل ظلت تصطاد السفن واحدة تلو والاخر في وسط البحر .
في تلك اللحظة لم يكن أمام واشنطن ولندن إلا الايعاز لأداتهما المتقدمة في الشرق الاوسط وهي(إسرائيل) لتتولى تنفيذ المرحلة الثالثة وهي استراتيجية التدمير وإشعال الحرائق وهي مهمة دنيئة لطالما أجادتها تلك العقلية الصهيونية البغيضة التي تعشق تدمير البنية التحتية لتضاعف من معاناة المواطنين ويبدو أن الهدف من ذلك هو تمكين الكيان الغاصب من إستعادة نظرية الردع بعد استهدافهم بمسيرات حوثية وتسويق فكرة الدفاع عن النفس وربما يراد أيضا من تلك الحرائق الهائلة المشتعلة في الحديدة أن تساهم بطريقة غير مباشرة في الدفع بعميلة السلام وتوجيه تفكير صنعاء نحو خارطة السلام المربحة لها والابتعاد عن تحمل تكاليف خسائر باهظة جرى تلك الاندفاعات غير المحسوبة .
لقد كان إستهداف الحديدة من سلاح جو الكيان الغاصب في ظاهره يرنو لهدفين أحدهما قريب وذلك من أجل خنق صنعاء من الرئة التي تتنفس بها وإحداث أزمة إقتصادية خانقة في المشتقات النفطية داخل مناطق سيطرتها بتالي ردعها عن التفكير في اي استهداف قادم قد يأتي بالويلات لها أما الغاية البعيدة فيبدو أن هناك نية للتحضير لعملية عسكرية بالتنسيق مع الشرعيةتمكن التحالف الامريكي والبريطاني من التواجد بالقرب من باب المندب وحراسة البحر الاحمر خوفا من تكرار هكذا فعل مستقبلا بتالي تقليص دور طهران وحماية الكيان الغاصب.
والحقيقة المشاهد أن معسكر واشنطن قد نجح في حقن إبرة مسكنه سوف تساهم في هدوء صنعاء نوعا ما والدفع بعملية السلام خصوصا بعد جثمت الرياض على ركبتيها خوفا من مسيرات الحوثي وصواريخه وسوف يستمر الحال بين شد وجذب يتأرجح بين السلام والحرب حتى يفرغ التحالف الغربي من غزة وترتيب وضعه الداخلي الذي يشهد إنتخابات حامية الوطيس ثم بعد ذلك سيفكر في تسوية الوضع اليمني عبر عملية عسكرية ستكون ضرورية تعيد توازن القوى والنفوذ لصالح التحالف الدولي الامريكي والبريطاني الذي لن يطمئن إلا بتواجد قوات موالية له تضمن مصالحه في لعبة صراع المحاور .

إغلاق