الحكم الذاتي في سطور

كتب / د.مبروك سالم لرضي
الجمعة 1 نوفمبر 2024

الحكم الذاتي مفهوم قديم ومعمر متسع الدلالات ينطلق من بوابة الفلسفة والأخلاق ،ليشمل رحاب حقول عديدة منها الإدارة والقانون والسياسة

بدأ التعامل بمفهوم الحكم الذاتي منذ منتصف القرن التاسع عشر للميلاد، وازداد الإهتمام به بقوة بعد تفكك الإتحاد السوفيتي مطلع التسعينات بالقرن الماضي ليشكل آلية ناجحة للحفاظ على وحدة الدول ومعالجة تطلعات الشعوب فيها بصورة إيجابية ويعالج تهميش الأقلية في ظل طغيان الأغلبية

يختلف الحكم الذاتي جذريا عن نموذج اللامركزية في الدولة ففي حين أن نموذج اللامركزية يقوم على مجرد تفويض صلاحيات من المركز إلى جهات أدنى منه داخل هيكلية هرم السلطة في الدولة ،مايمكن المركز من استعادة هذه الصلاحيات متى شاء، فإن نموذج الحكم الذاتي يقوم على أساس نقل وليس تفويض سلطات ومسؤليات وصلاحيات من السلطة المركزية للإقليم ليصبح في إمكان هذا المكون أن يقرر باستقلالية عن تلك السلطة العليا، من أجل تحقيق المصلحة العامة لمن هم تحت نطاق مسؤليته.

ولأنه كذلك فإن الترتيبات المتعلقة في شأنه يجب أن تتم بالتراضي بين الطرفين وهما طرفان متكافئان، والعلاقة بينهما ليست بين تابع ومتبوع كما هي الحال في نظام اللامركزية.
كما يعد الحكم الذاتي أشمل وتتمتع بموجبه سلطة الإقليم بمسؤليات وصلاحيات واسعة في مختلف المجالات ،مايؤهلها لسن القوانين الخاصة بالإقليم،وفرض الضرائب المحلية،وانشاء قوة شرطة داخلية،ومحاكم خاصة،
ويكون فيها سلطة تنفيذية منفصلة عن السلطة المركزية للدولة،ليست منبثقة منها أو تابعة أو ممثلة لها ،بل تكون مسؤلة أمام مجلس تمثيلي منتخب من داخل الإقليم،وليس أمام السلطة المركزية للدولة .

كما أن لسلطة الإقليم علاقات خارجية خاصة تمارسها في نطاقات محددة بالإتفاق مع سلطة المركز ،وبالتحديد فيما يتعلق بالشؤون الإقتصادية والإجتماعية والثقافية .

تكمن أهمية الحكم الذاتي في كونه يقوم على أساس الندية المشرعة قانونيا ويتم بموجبها التشارك في السلطة بين المركز والإقليم ،بحيث تستقل سلطة الإقليم عن الحكومة المركزية فيما تتمتع به من سيطرة على الإقليم ومصادره الطبيعية وموارده المائية .

ويمكن الحكم الذاتي الإقليم من تشكيل حكومته الذاتية إلى أقصى أنواع الإستقلالية ماعدا اتخاذ خطوة الإعلان الرسمي عن الإستقلال عن الدولة وحق تقرير المصير، وتحتفظ السلطة المركزية بالسيادة المطلقة على كامل التراب الوطني وعلى الشعب بأكمله،بما في ذلك إقليم الحكم الذاتي وسكانه.

توجد بالمقال اقتباسات لاستاذ العلوم السياسية والدراسات الدولية د.علي الجرباوي