معضلة فساد المنطلقات والدوافع وانعكاسها  على المرحلة !!

كتب : زكي علي صبيح
الإثنين 5 نوفمبر 2024

عندما نتأمل بعقل واع  إلى واقع مرحلتنا الراهنة و منطقتنا المترامية ، يتضح لنا أن أس المشكله و المعضلة التي تمر بنا كمجتمع و كأمة هي فساد الدوافع و المنطلقات التي لابد أن نتوقف عندها ونسعى بصدق إلى تصحيحها ..

والتي نراها في كثير من صورها تستحضر سلبيات الماضي متأثرة بها ، غافلة عن الإيجابيات و الإشراقات التي صنعها سلفنا في محيطنا الخاص والعام .. فتضخم الثقافة والخلفية السلبية ، وتحد و تصد التجارب الناجحة الإيجابية ، وذلك ربما لعدة عوامل منها كذلك  التأثر بالفلسفة العالمية والخطوط الإجبارية المشار إليها في حديث  أبي سعيد رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: *(لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه؛ قلنا: يا رسول الله؛ اليهود والنصارى؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن؟!)*[رواه الشيخان].

ولقد كانت المعطيات والمنطلقات التي ينطلق منها سلفنا هي : حسن النوايا والإرادة الصادقة للخدمة الأمة  ، ودفن السلبيات والماضي المرير ونسيانه بما فيه قال تعالى *( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ولا تسألون عما كانوا يعملون )*

كما إن من دوافعهم الحقة  الحب الصادق لأوطانهم ومجتمعاتهم .. ومما يؤكد ذلك المنجزات التي حققوها في أطر مختلفة .. على أصعدة متعددة ، علمية وثقافية وتربوية وميدانية واجتماعية حسب ما تسمح به المقدرات والإمكانات .

فقد كانوا من ديدنهم الذي جبلوا عليه تقديم  المصالح العامة على مصالحهم الخاصة الضيقة .. ومصالح الشعوب على مصالح الذات والأنانية ..

فمما نعاب به في مرحلتنا هو انحصار الإرادة في المصالح المحدودة على حساب المصالح العامة .. وهذه إشارة واضحة إلى فساد المنطلقات والمعطيات التي نندفع من خلالها أسفا .. 

وما دامت المنطلقات تشوبها هذه المصالح الحزبية والفئوية الضيقة فلن نصنع شيئا حقيقيا يخلده التاريخ ..

ويؤكد ذلك قول السلف رحمهم الله *( إذا صلحت المقاصد لم يخب القاصد )*
وفي الحديث القدسي *( أنا عند ظن عبدي بي .. )*  رواه البخاري ومسلم

إن لفساد المعطيات و المنطلقات والدوافع التي ننطلق منها أثر خطير وكبير لا يدركه السطحيون وضحايا الفقاعات المتفرقة هنا وهناك ، وأثرها السلبي على حياة الفرد والمجتمع ومن وراء ذلك الأمة ككل ..

وهكذا جرت سنة الدائم  الذي لا يموت سبحانه وتعالى أن واقع الحياة ونجاحها له ارتباط متين بالإرادة والدوافع و المنطلقات .. 

فهذه المنطلقات الفاسدة والضيقة إذا نحت هذا المنحى في حياة الدول والشعوب .. تخلف هولا من المعاناة .. ليست معيشية فحسب بل ببعض الشعوب معاناة نفسية وفوضى خلاقة و شذوذ وإنحراف فكري وإنجراف سلوكي ..  يفضي إلى فساد المعاش والمعاد ..

إذن من لوازم المنطلقات  والمعطيات الصحيحة  الإرادة الصادقة مع الله والتي تنبع من داخل الذات ومن أعماق الشعوب والأمم ..

قال تعالى : *( إن إبراهيم كان أمة )*

ودمتم سالمين .. بحجم أمة