رفقاً بنا يا هواجسنا !!
كتب / عبد العزيز صالح بن حليمان
الاربعاء 4 ديسمبر 2024
مكثت غير بعيد وانا افكر في موضوع ما فاذا بهاجسي يحيطني بيتين جميلين للشاعر الجاهلي الاعشى وقصته حينما كان مسافراً ليلاً قاصداً اليمن فأمطرت السماء فذهب الى مكاناً يلوذ به عن المطر فوجد شيخاً مشوّهه الخلقة فأدخله الخيمة واكرمه وسأله الى أين؟ فقال الاعشى : الى اليمن فقال الشيخ: هل تجيد الشعر؟ قال الاعشى نعم قال اسمعني فأنشد الاعشى يقول :
رحلت سمية غدوة أجمالها
غَـضبـىَ عليك فما تقول بـدا لــها
قال الشيخ: زدني قال الأعشى قصيدة كتبت بماء الذهب وواحدة من قصائد المعلقات السبع
ودِع هريرة الركـب مرتحل
وهل تطـيـق وداعاً أيـها الرجـل
فقال الشيخ: من سمية وهريرة؟
فاجاب الاعشى: لا اعلم ولكنها أسماء إنطلقت في روعي فقلتها !! فنادى الشيخ : أخرجي يا سمية و يا هريرة فخرجتا فكان طولهما لايتعدى خمسة أشبار، فإرتعد الأعشى خوفاً وقال للشيخ من أنت؟ فرد الشيخ: أنا هاجسك من الجنّ وهؤلاء بناتي هريرة و سُمية !! انتهى
لِمَ الخوف يا اعشى وانت بين هاجسك وبناته من الجن وقد اكرموك أتستبدل الذي هو ادنى بالذي هو خير؟
أنسيت انك كنت تقصد بلداً يحكمه الجن والهواجس منذ زمن والى يومنا هذا مازالت هواجسنا وسميتنا وهريرتنا من مردة الشياطين والعفاريت وجوج وماجوج الذين يأكلون ولا يشبعون؟
هواجسنا اللعينة تسببت لليمن بجرح غائر ينزف من كل مكان واصبح كالمريض الذي يتقاسمون تركته وهو على الفراش بلا حراك.
هواجسنا في اليمن اضاعت اليمن وعاثت فيه فساداً وضلت واضلت ونكلت بالبلاد والعباد فأصبحنا الشعب اليمني اضحوكة الشعوب.
هواجسنا جعلوا سكان اليمن اليوم لايجدون ما يقتاتون به ويفترشون الارض يمارسون التسول قهراً فمن تحسبهم أغنياء من التعفف قضوا نحبهم ومن بقي منهم يصارع الموت لا يسال عنهم احد ولا يعلم بحالهم الا الله.
هواجسنا جعلوا راتب الموظف يساوي 148ر.س فقط لاتكفيهم كيس ارز ورغم ذلك لا يدفعونها الا بعد شهرين بعد ان تخنقهم الديون وتحاصرهم الهموم والاسقام ولايجدون من يستدينون منه.
هواجسنا تسببوا في حرمان ابنائنا الجامعيين من مواصلة تعليمهم بسبب الرسوم الباهظة التي تفرضها الجامعات ورسوم المواصلات فدفع بكثير منهم للانسحاب من الجامعات والتسكع في الشوارع.
ابناء المسؤولين والعنوسة والطلاق والجريمة والسرقة والفساد والانفلات الامني والقتل والمخدرات.. لا استطيع التفاصيل فيها فهواجسنا وهريرتنا ليسوا مثلك
يا اعشى.. خليك في خيمتك وخلينا ساكت