شذرات في التطوع والعمل الإنساني في يومه العالمي
كتب / امين الجابري
السبت 7 ديسمبر 2024
يحتفل العالم في الخامس من ديسمبر من كل عام ، باليوم العالمي، بلعطاء الإنساني الإيجابي، الذي يقدمه الشخص لغيره دون انتظار لمقابل او أجرة دنيوية زائلة ، وبقناعة متناهية ، ولذة جامحة ، وشعور بالسرور كالذي يشعر به المستفيدون من هذا العمل او ذاك لحظة العطاء وربما يفوقه ، فالتطوع قيمة إنسانية أصيلة في الإنسان منذ القدم ، تجسدت في أخلاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ،وخلدها ربنا تبارك وتعالى في كتابه الكريم حين قص علينا قصة جميلة من قصص التطوع عند موسى عليه الصلاة والسلام في سورة القصص يوم أن سقى أغنام بنتي شعيب – بعد أن سألهما عن سبب اعتزالهما مورد الماء فأجبتاه : بأنهما لايسقيان حتى ينتهي الرعاة من سقي مواشيهم – ثم تولى الى الظل فقال (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير) وقد أكرمه ربه بعد ذلك بالزواج من أحدى الفتاتين ؛ مقابل أن يتطوع مرة أخرى فيعمل أجيرا لدى والد الفتاة مدة ثمان سنين فإن زاد عليها فذاك تطوع من عنده ؛ ولأن التطوع متجذر فيه عليه الصلاة والسلام فقد أكمل عشرا ، وقد عززها ديننا الاسلامي الحنيف هذه القيمة السامية في المسلمين منذ بزوغ فجر الرسالة فصار رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوا الى ربه لايبتغي بذلك أجرة دنيوية ولاجاها ولاسلطانا ولاحظا من حظوظ الدنيا الفانية ، بل كان يبتغي بذلك وجه ربه تبارك وتعالى ، ولما أشار عليه سلمان الفارسي في غزوة الأحزاب بحفر الخندق في غزة الاحزاب أمر صحابته بالتطوع لحفر هذا الخندق الهائل حول المدينة ليمنعوا اقتحام الأحزاب التي تجمعت عليها واحاطت بها من كل جانب فتطوعوا وعملوا بإخلاص وتفان خلافا للمنافقين الذين ينتظرون مقابلا لهذا العمل فلما وعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما عند الله، (قالوا ماوعدنا الله ورسوله الا غرورا) وتهربوا من هذا العمل فستأذنوا رسول الله عليه الصلاة والسلام للذهاب إلى بيوتهم فقالوا إنا بيوتنا عورة وهم يريدون بذلك فرارا ، وقد حرموا في حقيقة الأمر شرف وأجر هذا العمل التطوعي الجبار الذي قاده رسول البشرية ومعلم الإنسانية وهو رابط للحجر على بطنه من شدة الجوع ، وحصلت له بعد ذلك البشائر والفتوحات مكافئة له على ماقدم ، فجزاه الله خير ماجزى نبينا عن أمته ورسولا عن دعوته ؛ كما ان ديننا الاسلامي أمر بصلاة النوافل وسماها تطوعا وحث كذلك على صيام التطوع وعلى بر الوالدين وصلة الارحام وتعاهد الجيران بالطعام ولو بإهداء المرقة كما في حديث ابي ذر حين حثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على إكثار ماء المرق لتعاهد الجيران ، وكذلك صدقة التطوع ، وهذا كله يدلنا على أن التطوع من صميم هذا الدين وان أجره عظيم ومضاعف عند الله تعالى في الآخرة ، وإننا من هذا المنطلق نحث كل من تسنت له الفرصة في اي عمل تطوعي جماعي اوفردي أن ينخرط فيه وان يكون جزءا فاعلا منه ، وان لايتوانى لحظة في تقديم خدمة لمجتمعه واخوانه وجيرانه وللناس أجمعين ، وختاما اوجه شكري لكل متطوع او متطوعة واهنئهم بيومهم العالمي واشكر لهم سعيهم وتفانيهم في هذا العمل الجبار الذي يغطي ربوع أرضنا الطيبة المعطاءة لاسيما في شهر رمضان المبارك حين ينتشر الشباب المتطوعون على الخطوط العامة للمدن والقرى في لحظة الإفطار ليقدموا للمارة وجبة الإفطار المتنوعة بكل حب وتضحية وشموخ وربما في احيانا كثيرة ينسى هؤلاء او يتناسون تناول افطارهم ويقدمون غيرهم على أنفسهم حتى يقومون بهذا المشروع خير قيام وقد رأيتهم مرار حين مشاركتي لهم في ذلك أحيانا فجزاهم الله خيرا على ذلك ، كما لاأنسى أن أتقدم بالشكر الجزيل لمن قام بتمويل هذه الأعمال الخيرية والخدمية التطوعية من رجال الأعمال ورواد الخير وحتى ممن يعدون من الفقراء على مساهماتهم السخية ودعمهم اللامحدود،ومساندتهم لفرق الملتقيات الشبابية التطوعية المنتشرة في أنحاء حضرموت خصوصا ، وندعوهم الى تكثيف دعمهم حتى ينتشر الخير والتكافل ويشعر المحتاجين بأن هناك من يقف إلى جانبهم وانهم كغيرهم ممن ميزهم الله عليهم بالمال او الملبس والمطعم والسكن بل وحتى في الدعم بالقليل والمستطاع عبر هذه الملتقيات التطوعية التي من خلالها أغيثت كثير من الأسر المتعففة عن السؤال ، وأجريت عمليات لمرضى أنهكهم المرض ، وسافر كثير الى الخارج منهم لتلقي العلاج ، فيارب لاتحرمنا أجر هذا العمل وأجزنا عنه خير الجزاء يوم نلقاك واجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم والحمد لله رب العالمين !