حضرموت أمام مفترق طرق مطالب الحكم الذاتي في ظل مماطلة الشرعية
بقلم / مزاحم باجابر
الخميس 12 ديسمبر 2024
لطالما كانت حضرموت رمزاً للتاريخ والثروة، لكنها اليوم تقف على مفترق طرق وسط تصاعد المطالب الشعبية بتحقيق الحكم الذاتي، بعد سنوات طويلة من التهميش والإهمال. ومع استمرار مماطلة قوى الشرعية في الاستجابة لمطالب أبناء حضرموت الواضحة والصريحة، يتحرك المجتمع الحضرمي بخطى ثابتة نحو مرحلة جديدة تُعيد لهم حقوقهم وتضع حداً لمعاناتهم.
بيان 31 يوليو نقطة تحول في مسار المطالب الحضرمية
صدر بيان حلف قبائل حضرموت في 31 يوليو 2024 ليضع النقاط على الحروف، معلناً عن سلسلة من المطالب المشروعة التي تُعبّر عن طموحات أبناء المحافظة. ومن أبرز هذه المطالب:
1. الاعتراف بحق حضرموت في الشراكة الفاعلة عبر مؤتمر حضرموت الجامع، أسوة بباقي الأطراف الفاعلة في التسوية الشاملة.
2. وقف أي تصرف في النفط الحضرمي أو تصديره حتى ضمان تثبيت حقوق حضرموت، وتسخير عائداته لتحسين خدماتها، وعلى رأسها قطاع الكهرباء.
3. تنفيذ قرارات مؤتمر حضرموت الجامع الصادرة في 13 يوليو 2024، والتي تضمنت حلولاً مزمنة لمعالجة التحديات التي تواجه المحافظة.
4. التأكيد على أن المخزون النفطي الحالي في خزانات ميناء ضبة والمسيلة حق من حقوق حضرموت، ويجب توجيه كامل عائداته لصالح سكانها.
5. التحذير من عدم الاستجابة خلال 48 ساعة، مع التلويح بخطوات تصعيدية تشمل وضع اليد على الأرض والثروة.
مماطلة الشرعية وتصعيد المطالب وتوسيع نطاق الدعم الشعبي
رغم وضوح البيان وتأكيده على الحقوق المشروعة، إلا أن قوى الشرعية لم تُبدِ أي تجاوب يُذكر. وبدلاً من الاستجابة، لجأت إلى المماطلة والتسويف، مما دفع قيادات حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع إلى إعادة تقييم الموقف.
ومع مرور الأشهر، تصاعدت المطالب الشعبية، وأصبح الحكم الذاتي لحضرموت المطلب الرئيسي. هذا التحول لم يكن عشوائياً، بل جاء نتيجة مطالبات شعبية ومشاورات واسعة بين القوى السياسية والاجتماعية في حضرموت، وسط تأييد شعبي كبير لهذه الخطوة.
الحكم الذاتي رؤية استراتيجية لمعالجة الأزمات
إن المطالبة بالحكم الذاتي لحضرموت ليست مجرد رد فعل على التهميش، بل هي رؤية استراتيجية تهدف إلى:
1. تحقيق إدارة مستقلة وشفافة للموارد الطبيعية والثروات، وضمان استخدامها لتحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية، مثل التعليم والصحة والكهرباء.
2. تجنيب حضرموت الصراعات السياسية والعسكرية التي تشهدها المحافظات المجاورة، والتي أثرت سلباً على حياة المواطنين.
3. ترسيخ الأمن والاستقرار الداخلي من خلال إدارة حضرمية خالصة تتفهم احتياجات المجتمع وتسعى لتحقيقها.
4. تعزيز الهوية الحضرمية والحفاظ على الخصوصية الثقافية والاجتماعية للمحافظة، بما يُحقق تطلعات سكانها.
خطوات عملية لتعزيز مشروع الحكم الذاتي
لم تقف الجهود الحضرمية عند حدود المطالبة فقط، بل بدأت بخطوات عملية لتحقيق الحكم الذاتي، ومنها:
• إقامة ندوات توعوية في المكلا ومديريات حضرموت الأخرى لتعريف المجتمع بمفهوم الحكم الذاتي وأهميته.
• تنظيم لقاءات موسعة مع ممثلي القوى السياسية والمجتمعية والنقابات والاتحادات، بهدف بناء إجماع وطني حول المشروع.
• إطلاق حملات إعلامية تهدف إلى إيصال صوت حضرموت للمجتمع المحلي والدولي، وتسليط الضوء على معاناة أبنائها وتطلعاتهم.
• إعداد خطط تفصيلية لإدارة الموارد والخدمات في حال تحقيق الحكم الذاتي، لضمان تنفيذ المشروع بشكل فعّال وناجح.
تحديات تواجه مشروع الحكم الذاتي
رغم الدعم الشعبي الكبير، إلا أن مشروع الحكم الذاتي يواجه تحديات عدة، من أبرزها:
1. مقاومة قوى الشرعية التي تسعى للحفاظ على مركزيتها، حتى لو كان ذلك على حساب حقوق حضرموت.
2. التدخلات الإقليمية والدولية التي قد تُعيق مسار الحكم الذاتي، خاصة مع أهمية حضرموت الاستراتيجية والاقتصادية.
رسالة إلى الشرعية والمجتمع الدولي
إن تجاهل مطالب حضرموت لن يؤدي إلا إلى تعقيد الأوضاع، وزيادة الاحتقان الشعبي. و على الشرعية أن تدرك بأن حضرموت ليست مجرد خزان نفطي أو مورد اقتصادي، بل هي كيان يمتلك إرادة شعبية تطمح إلى تحقيق العدالة والكرامة.
أما المجتمع الدولي، فعليه أن يدعم حقوق أبناء حضرموت المشروعة، ويعمل على ضمان تحقيق تطلعاتهم بعيداً عن الصراعات والمصالح الضيقة.
ختاماً حضرموت نحو مستقبل أفضل
إن التحرك نحو الحكم الذاتي لحضرموت يُمثل مرحلة جديدة من النضال الحضرمي، مرحلة تستند إلى إرادة شعبية صلبة ورؤية استراتيجية واضحة. ومع استمرار هذه الجهود، يُثبت أبناء حضرموت ممثلين بحلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع أنهم قادرون على إدارة شؤونهم وتحقيق تطلعاتهم بعيداً عن التهميش والفساد.
الحكم الذاتي لحضرموت ليس مطلباً عابراً، بل هو حق مشروع سيسعى أبناء المحافظة لتحقيقه مهما بلغت التحديات.