هل خسرت السعودية هيبتها وسمعتها في اليمن؟
بقلم / خالد الصيعري
السبت 14 ديسمبر 2024
تعتبر الحرب في اليمن واحدة من أكثر الصراعات تعقيدًا وتأثيرًا في المنطقة، وقد أثرت بشكل كبير على سمعة السعودية وهيبتها الإقليمية والدولية. منذ بدء التدخل العسكري السعودي في اليمن عام 2015، واجهت المملكة تحديات كبيرة، منها الأزمات الإنسانية والتصعيد العسكري.
قبل الحرب، كان اليمن يعاني من أزمات سياسية واقتصادية عميقة. تمثلت أبرز المعضلات في وجود حكومة غير مستقرة وفئات مختلفة تسعى للسلطة، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع.
وفي عام 2015، تدخلت السعودية في الصراع اليمني لدعم الحكومة المعترف بها دوليًا في مواجهة الحوثيين. كان هذا التدخل مدعومًا بمبررات أمنية واستراتيجية، حيث اعتبرت الرياض أن الحوثيين يشكلون تهديدًا لأمنها القومي.
وتسببت الحرب في اليمن في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يعاني ملايين اليمنيين من الجوع والمرض. تقارير المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، تشير إلى أن السعودية وحلفاءها يتحملون جزءًا من المسؤولية عن هذه الأزمة.
وتلقى تدخل السعودية في اليمن انتقادات واسعة من المجتمع الدولي. وصفت بعض المنظمات غير الحكومية العمليات العسكرية بأنها غير قانونية، مما أثر سلبًا على سمعة المملكة.
فالتدخل السعودي في اليمن أدى إلى تشكيل تحالفات مع دول أخرى، لكن هذه العلاقات لم تكن دائمًا مستقرة. فقد شهدت بعض الدول الأعضاء في التحالف تباينات في الرؤى، مما أثر على الفعالية العسكرية.
وتلعب وسائل الإعلام دورًا كبيرًا في تشكيل الرأي العام. وقد ساهمت التقارير الإعلامية عن الأوضاع الإنسانية في اليمن في تشويه صورة السعودية، مما أثر على هيبتها.
فشهدت القيادة السعودية تغيرات سياسية خلال السنوات الأخيرة، حيث سعت المملكة إلى تحسين صورتها في الساحة الدولية. لكن التحديات في اليمن لا تزال تؤثر على هذه الجهود.
وتحاول السعودية استخدام الدبلوماسية لتعزيز صورتها، ولكن التوترات في اليمن تعيق هذه الجهود. يتطلب الأمر إستراتيجية شاملة لمعالجة الأزمات الإنسانية والسياسية.
فتدخل السعودية في اليمن أدى إلى تكبد تكاليف مالية ضخمة، مما أثر على الاقتصاد السعودي. هذه التكاليف قد تؤثر على الاستثمارات والمشاريع الداخلية.
وتؤكد الحكومة السعودية أن تدخلها في اليمن كان ضروريًا لحماية أمنها. وتعتبر أن الحوثيين يشكلون تهديدًا مباشرًا للمملكة.
ورغم خبرتهم السابقة في حروب اليمن الفاشلة لم يتوقع المسؤولون العسكريون والسياسيون بالسعودية أن يتحول التدخل إلى ورطة كبرى تكلفهم الكثير على الصعيد العسكري والاقتصادي، واستنزاف مستمر، ولا سيما مع إصرار الحوثيين على إثبات طول نفسهم.
وتختلف التقديرات بشأن الخسائر السعودية جراء الحرب لكن معظم الأرقام والتقديرات تؤكد انعكاساتها السلبية الكبيرة على الاقتصاد السعودي، وبالتالي على الوضع الاجتماعي والسياسي.
وزاد الحوثيون الضغوط مع نقل المعارك إلى الداخل السعودي عبر اختراقهم الحدود الجنوبية في المملكة في جازان وعسير ونجران وهجماتهم المتكررة التي تحولت إلى نزيف مستمر للقوات السعودية على الصعيد البشري والمادي، أو تركيزهم على استهداف مواقع إستراتيجية سعودية بالصواريخ البالستية.
فوفقا لبعض التقارير، تبلغ تكلفة صاروخ الباتريوت ثلاثة ملايين دولار، ويستلزم إسقاط صاروخ بالستي ثلاثة صواريخ باتريوت على الأقل، أي أن اعتراض سبعة صواريخ يكلف 21 مليون دولار أو أكثر (نحو 79 مليون ريال).
واستهدف الحوثيون منذ مارس/آذار 2015 المواقع السعودية بمئات الصواريخ قصيرة المدى، ونحو 100 صاروخ بالستي، إضافة إلى الطائرات المسيرة التي يبلغ سعرها بضع عشرات أو مئات من الدولارات، لكن إسقاطها يكلف الخزينة السعودية ملايين الدولارات.
وتضطر المملكة لتجديد ترسانتها من الصواريخ الاعتراضية أو تغييرها بمبالغ طائلة، وقد اتفقت مؤخرا على شراء صواريخ “أس 400” من روسيا ومنظومة “ثاد” من الولايات المتحدة. كما أن صواريخ الباتريوت المنشورة على نطاق واسع بمواقع عديدة من المملكة تكلف عمليات صيانتها مئات الملايين من الدولارات.
وهنا تتباين آراء المواطنين السعوديين حول التدخل في اليمن. بينما يؤيد البعض هذا التدخل، يرى آخرون أنه أساء لسمعة المملكة.
فأصبحت السعودية تواجه تحديات كبيرة في تعزيز هيبتها وسمعتها في ظل الصراع المستمر في اليمن. يتطلب الأمر إستراتيجية شاملة تأخذ في الاعتبار الأبعاد الإنسانية والسياسية والاقتصادية. إن استعادة الثقة في المجتمع الدولي يتطلب خطوات جادة نحو إنهاء الصراع وتحقيق السلام في اليمن.