ما ذنب العنب بما فعل النبيذ !!!..
كتب/ ابراهيم باشغيوان
الاربعاء 25 ديسمبر 2024
بداية يؤسفني أن ابدأ حديثي بالتأسف كون الأقلام ليس بإستطاعتها أن تكتب بغير الحبر ، وأن الكتابة لا توجد بها احرف جديده كي نخلق بها واقعاً جديداً ومختلفاً ، ولكنني وجدت أن اللغة البسيطة والكلمات العادية يمكنها أن تسمو بأرواح وأشخاص لهم مواقف غير عادية .
ذهب طفل في الثانية عشر من عمره إلى بقالة ليستخدم الهاتف ، رفع السماعة وطلب الرقم وبدأ مكالمته ، لفت نظر صاحب البقالة فاسترق السمع ، قال الصبي : سيدتي أيمكنني أن أعمل عندكم في تهذيب عشب حديقتكم ، فأنا ماهر بهذا ! , أجابت السيدة لدي من يقوم بهذا العمل ، قال الفتى سأتقاضى نصف أجر العامل عندك ، قالت السيدة : أنا راضية بعمل العامل عندي ولا أريد أن أستبدله بآخر, أصبح الفتى أكثر إلحاحاً وقال للسيدة : سأعمل أي عمل عندكم لكنها رفضت كل ذلك .
فأقفل الصبي السماعة وعلى ثغره إبتسامة عريضة ، قال له صاحب البقالة : أعجبتني همتك العالية ما رأيك أن تعمل عندي ؟ تقوم بإيصال الأغراض إلى البيوت ، وسأعطيك الراتب الذي ستعطيك إياه السيدة .
قال الفتى : شكراً سيدي مستحيل ذلك لأنني انا العامل الذي يعمل بالحديقة عند تلك السيدة !!!! أردت أن اختبر جودة عملي وأن اعرف مدى تقدير السيدة لي و مكانتي عندها عبر هذا الإتصال .
هناك من يستطيع أن يجبر الروح بابتسامته الصادقة وتقديره الذي يتسلل من القلب بكل ود ليريك الوجه الآخر للحياة ، فقد تحتاج عمرا لتقنع الآخرين انك إنسان وقد يحتاجون لحظة فقط ليقنعوك بالعكس ، فليس هناك ذنب للمجتمع بما يفعله أفراده ، وليس هناك ذنب للأشخاص بما تفعله بعض الاعراف المجتمعية الخاطئة ، فقد أصبحنا نشبه لغتنا كثيراً فالبعض لديه ضمير ظاهر والبعض لديه ضمير مستتر والبعض الآخر لديهم ضمير غائب تماما !
نحن البشر متناقضون حد التعجب ، متقلبون حد الذهول ، نرى الخير في إنسان حتى نظنه عاجزاً عن الوقوع في الخطأ ،،! فإذا به يخيب ظنك ، وترى الخطأ في إنسان حتى تتوقع أنه عاجز عن فعل الخير فإذا به يخالف توقعاتك ، بذرة الخير في الناس لا تموت ،و بذرة الشر لا تهداء ، والصورة لن تكون واضحة الدقة إذا لم نقترب ونلقي عليها نظرة بتمعن .