وادي الشتاء الحار..
مقال لـ/أشرف قطمير
الجمة 27 ديسمبر 2024
هل نحن في القرن الحادي والعشرين أم في العصور الوسطى؟ سؤال يطرحه كل مواطن في وادي حضرموت عندما تنطفئ الأنوار وتتحول لياليه إلى ظلام دامس. الكهرباء، تلك الخدمة الأساسية التي تحولت في حضرموت إلى رفاهية، تُدار بطرق تعيدنا إلى زمن الإقطاع! لماذا تعاني هذه المحافظة من أزمة مستدامة في الكهرباء بينما نسمع عن مشاريع مليارية هنا وهناك؟ أليس ما يحدث أقرب إلى “البؤساء” لفيكتور هوغو، حيث يعيش الناس شقاءً مستمرًا بلا نهاية؟
انظر إلى الواقع: نقص في الوقود، أعطال في المحطات، وفساد ينخر كالسوس. هل يعقل أن يكون هذا حال وادٍ يملك موارد طبيعية هائلة؟ وكأن دوستويفسكي كان يصف حالهم في “الأخوة كارامازوف” حين قال: “لقد خُلق الإنسان ليعاني.” السلطة المحلية ومؤسسة الكهرباء تتقاذفان التهم، كل طرف يلقي المسؤولية على الآخر، فيما المواطن يراقب هذا المشهد العبثي كأنه بطل شكسبيري محاصر في مسرحية لا تنتهي: “كل العالم مسرح، والناس جميعًا ممثلون.”
وفي ظل كل ذلك، تأتي الوعود الحكومية بإنشاء محطات جديدة كأنها أحلام من “ألف ليلة وليلة”، لا يصدقها أحد إلا السذج! أين هي محطة الـ100 ميجاوات المزعومة؟ أين الجهود لتحصيل مستحقات الكهرباء من المتنفذين؟ المواطن يتساءل: هل نحن أمام حلول حقيقية أم مجرد فقاعات إعلامية؟
لكن الشعب، كما وصفه ألبير كامو في “الغريب”، يكتشف في أعماق هذا الشتاء المظلم أنه يملك صيفًا لا يُقهر. يتحمل الظلام، يبحث عن حلول بديلة، ويقاوم اليأس بكل قوته، رغم أن المشهد يبدو وكأنه نسخة مكررة من مأساة لا نهاية لها.
يا أصحاب القرار، كفاكم عبثًا، وكفاكم متاجرة بمعاناة الناس! وإلا فإن ما يحدث اليوم سيجعل التاريخ يسجل أسماؤكم في قوائم “العار”. هل هناك أمل بأن تصبح الكهرباء في وادي حضرموت خدمة حقيقية؟ أم أنها ستبقى مجرد حكاية تُروى في ظلام الشتاء؟