فرصة سوريا التاريخية.. ما مصير المرأة تحت قيادة أحمد الشرع؟
تاربة اليوم – متابعات
2025-01-20 22:17:00
في الوقت الذي تقف فيه سوريا على أعتاب فرصة تاريخية للتعافي من عقود من القمع والحروب، تطرح أسئلة حاسمة حول العدالة في التعامل مع مآسي السنوات الماضية، خاصة فيما يتعلق بانتهاك حقوق النساء، فلا يمكن لسوريا أن تتجاوز بسهولة التجارب المروعة التي تعرضت لها النساء السوريات، والتي ألحقت بهن أضراراً غير قابلة للتصحيح.
معاناة النساء السوريات
لم يكن الأمر سهلاً على من عايش هذا الواقع من الناحية النفسية والوجدانية، إذ كان جزءٌ مني يعيش فرحة التخلص من نظام الأسد، بينما كان الجزء الآخر يعاني من الارتباك والمخاوف من تحول صراع الجولاني وتياراته السياسية إلى نوع من “غسيل الوردي”؛ اليوم يُطلب من النساء السوريات أن يتجاوزن كل تلك المآسي، وكأن التاريخ يمكن أن يُمحى بسهولة.
التجارب النفسية للنساء في ظل الصراع
منذ بداية الثورة السورية عام 2011، كانت مسارات “أبو محمد الجولاني” متقلبة ومؤلمة، من بيعته لتنظيم “داعش” حتى تأسيس “جبهة النصرة”، ثم تحوله إلى “هيئة تحرير الشام”، النظام الفكري الذي أسسه الجولاني سعى جاهدًا لتحويل المجتمع إلى مكان يخضع لسطوته الأبويّة، حيث لم يكن للنساء مكان كبير في الحياة العامة.
الجولاني وممارساته تجاه النساء في ظل التنظيمات
إن سردية التغيير التي يروجها الجولاني، من محاولة تقديم نفسه كبطل للتحرير، إذ يظل السؤال: هل يمكن للنساء السوريات أن يتحملن “غسيل الجولاني الوردي” ويُعتبرن أداة لتبرير ممارساته السلطوية؟
هل يمكن للنساء أن يتحملن التجميل السياسي؟
لقد كانت القوانين التي فرضتها “هيئة تحرير الشام” تعبيرًا عن طموحات إيديولوجية تتناقض مع حقوق النساء والحريات العامة، ومع ظهور “حكومة الإنقاذ”، زادت السيطرة على التعليم والإعلام، وجُمدت كل محاولة لإحياء المجتمع المدني، خاصة في ما يتعلق بحضور النساء.
قوانين هيئة تحرير الشام وأثرها على حقوق النساء
اليوم، مع كل هذه التحولات، يتعين على النساء السوريات أن يواجهن المستقبل ويدافعن عن حقوقهن التي تم انتهاكها على مر السنين، فيجب أن تكون هذه الحقائق جزءًا من دستور سوريا الجديد، ليتم ضمان العدالة وتضمين حقوق النساء في أي عملية إصلاح.
الفرصة التي أمام سوريا اليوم تتطلب موقفًا جريئًا وواضحًا ضد محاولات التجميل السياسي، كي نعيد بناء سوريا مكانًا آمنًا للنساء ولكل الفئات المهمشة.
ضرورة تضمين حقوق النساء في الدستور
تُظهر التجربة السورية مدى تعقيد الصراع بين القوى المختلفة على الأرض، حيث تمثل ممارسات “أحمد الشرع” وأتباعه نقطة تحول خطيرة في مسار الثورة، وفي هذا السياق، يصبح الحديث عن العدالة ضرورة لا غنى عنها، العدالة التي لا تقتصر على محاسبة الجناة السياسيين والعسكريين فحسب، بل تشمل كذلك الاعتراف بالمظالم التي تعرضت لها النساء في ظل هذه الجماعات، لا يمكن لأي تسوية سياسية أن تكون شاملة، أو مستدامة ما لم يتم ضمان حقوق النساء بشكل كامل وواضح، لا سيما أنهن كن الأكثر تضرراً في هذا النزاع الطويل والمستمر.
الفرصة الحقيقية للتعافي والعدالة تتطلب عدم تجاهل ما حدث في السنوات الماضية، وعلى سوريا أن تبني مستقبلها على أسس من احترام حقوق الإنسان، وعلى رأسها حقوق النساء، لكي لا تتكرر المآسي نفسها في المستقبل، وحتى تتحقق هذه العدالة، يجب أن تكون النساء في قلب هذه العملية، وأن لا يكون لهن فقط دور في مقاومة الظلم، بل في تشكيل المستقبل الذي يليق بهن.
العدالة الشاملة محاسبة الجناة وحقوق النساء
وتظل مهمة النساء السوريات هي الدفاع عن حقوقهن ومكافحة أي محاولة للتلاعب بمصيرهن من خلال “غسيل وردي” يهدف إلى تلميع صورته ويظل الأمل هو المحرك الأساسي للتغيير في سوريا، وفي قلب هذا الصراع الطويل والمرير، لا بد من الإيمان بأن هناك فرصة حقيقية للتغيير الإيجابي، رغم كل التحديات والآلام التي مر بها الشعب السوري، الأمل لا يعني التنازل عن المطالب بالعدالة، بل هو القوة التي تدفع النساء وكل الفئات المهمشة إلى الاستمرار في النضال من أجل حقوقهن في حياة كريمة وآمنة.
دور النساء السوريات في إعادة بناء سوريا
لقد أثبتت النساء السوريات خلال سنوات الحرب أنهن في صدارة المقاومة، ليس فقط ضد القمع السياسي والعسكري، ولكن أيضًا ضد الهيمنة الفكرية والتاريخية التي حاولت أن تهمش دورهن وتقلل من قيمتهن، المرأة السورية لم تكن مجرد ضحية للصراع، بل كانت دائمًا جزءًا أساسيًا من الحركة الثورية، ومن حركة المجتمع المدني التي حلمت بسوريا أفضل، وبالرغم من تلك الضغوط فإن النساء السوريات يواصلن التمسك بحقوقهن ومطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته.
الأمل لا يكمن فقط في تحقيق العدالة، بل في بناء سوريا جديدة تقوم على أسس من الحرية والمساواة والكرامة الإنسانية، سوريا التي تكون فيها النساء فاعلات في جميع المجالات، ويكون لهن حق الوصول إلى التعليم، والعمل، والمشاركة السياسية، وأن تكون حياتهن الشخصية والعامة خالية من القيود القمعية.
النساء السوريات مقاومة ضد الهيمنة والتهميش
إن الفجر الذي ننتظره قد يكون بعيدًا، لكن الأمل هو الذي سيقودنا إلى هذا الفجر، إلى سوريا حرة وديمقراطية، تتسع للجميع وتضمن حقوقهم، خاصة حقوق النساء اللاتي واجهن العديد من الأهوال، والآن، أكثر من أي وقت مضى، لا بد من أن تكون حقوق النساء جزءًا من الحل السياسي في سوريا، وأن يتم تضمينها في أي دستور.