سندعو الزبانية…

مقال لـ/أشرف قطمير
17 فبراير 2025
يتصارعون على اليمن كما يتصارع الذئاب على الفريسة، يمزقونه باسم السياسة، ينهشونه باسم الاقتصاد، يتلاعبون به كما تتلاعب الريح بورقة في مهب العاصفة. كلٌ منهم يدّعي الحق، وكلهم باطل، يتحدثون عن الوطن بوجوهٍ لا تعرف إلا النهب، ويتشدقون بحب الشعب وهم أول من يطعنه في ظهره. ارتفعت الأسعار، ضاقت الأرزاق، واستبدل الناس أحلامهم بكسرة خبزٍ وكوب ماءٍ لا يتغير لونه، لكنهم رغم ذلك ما زالوا صامدين، يُطحنون ولا ينكسرون، يُحاصرون ولا يموتون، وإن ماتوا فإنهم يموتون واقفين، كما تموت الأشجار العظيمة.
هم يظنون أنهم الأقوى، أنهم أصحاب القرار، يظنون أن الشعب لن ينهض، وأنهم سيبقون في كراسيهم إلى الأبد. مثلهم كمثل أبي جهل حين قال الله عنه: “فليدع ناديه”، فظن أنه محصّنٌ بعشيرته، مدججٌ برجاله، حتى جاءه الرد الإلهي الحاسم: “سندعو الزبانية”!
ونحن نقولها اليوم: نعلم أن لهم نفوذًا، أن لهم مليشياتٍ وأموالًا وسلطةً وإعلامًا يُلمّع وجوههم الكالحة، لكننا سندعو الزبانية، سندعو ملائكة العذاب لتطهر هذه الأرض من رجسهم، سندعو التاريخ ليكتب سقوطهم كما كتب سقوط كل ظالمٍ من قبلهم، وسندعو الله، وهو العدل، أن يقتص لكل يتيمٍ جاع، ولكل أمٍ بكت، ولكل وطنٍ تمزق على أيديهم.
قد يتأخر الفجر، لكنه لا يغيب، وقد يبدو الظلام طويلًا، لكنه زائل، والعاقبة ليست لمن صرخ أكثر، بل لمن ثبت أكثر، لمن تجذر في الأرض كالسنديان، ولم يهتز لريح الطغاة، فمن كان الله معه، فمن عليه؟