الأمم المتحدة تؤكد استمرار عملياتها في اليمن رغم التحديات الأمنية

تاربة اليوم
2025-02-20 01:31:00
أكد منسق الأمم المتحدة المقيم في اليمن، جوليان هارنيس، أن المنظمة الدولية لن توقف عملياتها الإنسانية في البلاد على الرغم من وفاة أحد موظفيها في سجن تابع للحوثيين الأسبوع الماضي. يأتي ذلك في وقت تسعى فيه الوكالة الأممية لإيجاد طرق لإعادة تأسيس وجودها في محافظة صعدة، التي شهدت أحداثًا مقلقة أدت إلى تعليق الأنشطة مؤقتًا.
تعليق العمليات في صعدة: قرار مؤقت أم ضرورة أمنية؟
في تصريح صحفي خلال منتدى اليمن الدولي الذي عُقد في العاصمة الأردنية عمان، قال هارنيس إن “الأمم المتحدة لا تعتزم تعليق عملياتها الإنسانية في اليمن بشكل عام”. ومع ذلك، أوضح أن التعليق الجزئي للأنشطة في محافظة صعدة جاء نتيجة لاحتجاز 10% من فريق العمل التابع للأمم المتحدة هناك في 23 يناير الماضي. وأشار إلى أن الظروف الأمنية الحالية في المحافظة لم تعد تضمن بيئة عمل آمنة.
وذكر هارنيس أن تعليق الأنشطة في صعدة، حيث تعمل سبع وكالات تابعة للأمم المتحدة، كان جزءًا من إعلان رسمي صادر عن الأمين العام أنطونيو غوتيريش، قبل يوم واحد من الإعلان عن وفاة الموظف أحمد، الذي كان محتجزًا لدى الحوثيين. وأكد المسؤول الأممي أن القرار اتخذ بهدف الضغط على السلطات الفعلية في صعدة لتوفير ضمانات أمنية تتيح استئناف العمل بأسرع وقت ممكن.
مطالب بالتحقيق في وفاة الموظف
شدد هارنيس على أهمية إجراء تحقيق شامل في ظروف وفاة الموظف أحمد، مشيرًا إلى أن الأمم المتحدة طالبت بذلك في أكثر من مناسبة. وقال: “دعا الأمين العام إلى إجراء تحقيق كامل، وقد كتبت شخصيًا إلى السلطات المحلية أطلب إجراء تحقيق يشمل الطب الشرعي”. وأضاف أنه التقى بوزير خارجية الحوثيين، جمال عامر، الذي تعهد بإجراء تحقيق، لكنه أشار إلى أن هذا التعهد جاء في الوقت الذي كانت فيه عائلة أحمد قد قررت دفنه.
وفيما يتعلق بمصير الموظفين المحتجزين، أكد هارنيس أن أي موظف محتجز لدى الأمم المتحدة يستمر في تلقي راتبه حتى بعد انتهاء عقودهم، مشددًا على التزام المنظمة بدعم موظفيها في مثل هذه الظروف الصعبة.
رفض نقل العمليات إلى عدن
أكد المسؤول الأممي أن مهمة الأمم المتحدة في اليمن تتركز على إنقاذ الأرواح عبر خطوط الصراع، معتبرًا أن نقل العمليات من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن سيكون له تداعيات كارثية. وقال: “إذا قررنا إغلاق العمليات في صنعاء، فإن السؤال الذي سيطرح نفسه هو: كم عدد الأشخاص الذين تريد أن يموتوا؟”.
وأضاف هارنيس أن الأمم المتحدة ليست موجودة في صنعاء لأسباب ثقافية أو بسبب حبها للمباني، بل لأن هناك ملايين اليمنيين الذين يحتاجون إلى المساعدة، خاصة وأن منطقة كبيرة من البلاد تقع تحت سيطرة صنعاء. وأوضح أن المنظمة تبحث حاليًا عن طرق لتبسيط عملياتها وتقليل أي مجال لسوء الفهم أو أي شيء من شأنه أن يؤدي إلى اعتقالات جديدة.
انتقادات حادة من الحكومة المعترف بها دوليًا
على الجانب الآخر، وجه وزير التخطيط والتعاون الدولي القائم بأعمال وزارة الاتصالات في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، الدكتور واعد باذيب، انتقادات شديدة للأمم المتحدة وممثلها المقيم في اليمن، جوليان هارنيس. وفي مقابلة مع صحيفة “الشرق الأوسط”، قال باذيب: “للأسف، بصفتي وزيراً للتعاون الدولي، أقولها بصراحة: هناك ضعف وعدم وضوح في دور الممثل المقيم للشؤون الإنسانية (جوليان هارنيس)”.
وأضاف الوزير أن المعلومات المتوافرة تشير إلى أن الأمم المتحدة علّقت عملياتها لفترة ثم استأنفتها دون تقديم خطوات واضحة بشأن إطلاق سراح الموظفين المحتجزين. وأشار إلى أن بعض هؤلاء الموظفين تم تحويلهم إلى النيابة العامة، مما يزيد من تعقيد الموقف.
ودعا باذيب الأمم المتحدة إلى نقل عملياتها إلى العاصمة المؤقتة عدن والمناطق المحررة، مؤكدًا أن هذه المناطق ستقدم الحماية الكاملة للمنظمات الدولية وستلبي جميع احتياجاتهم لضمان نجاح عملهم.
تحديات مستمرة أمام الجهود الإنسانية
تواجه الأمم المتحدة في اليمن تحديات متزايدة، سواء من حيث توفير البيئة الآمنة لموظفيها أو ضمان استمرارية تقديم المساعدات الإنسانية في ظل الصراع المستمر. وبينما تسعى المنظمة الدولية للحفاظ على وجودها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، تبرز انتقادات الحكومة المعترف بها دوليًا كعامل إضافي يزيد من تعقيد المشهد.
وفي النهاية، يبدو أن الأولوية تبقى لإنقاذ حياة الملايين من اليمنيين الذين يعتمدون بشكل كبير على المساعدات الإنسانية. ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الهدف يتطلب تعاونًا أكبر من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك ضمان حرية العمل للمنظمات الدولية وحماية موظفيها من أي اعتداءات أو احتجازات غير قانونية.