اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

النزوح وأثره على الهوية الجنوبية.. تغيير ثقافي أم طمس للخصوصية؟ –

النزوح وأثره على الهوية الجنوبية.. تغيير ثقافي أم طمس للخصوصية؟ –


تاربة اليوم
2025-02-23 23:07:00

النزوح وأثره على الهوية الجنوبية.. تغيير ثقافي أم طمس للخصوصية؟

(/كتب/ د.مريم العفيف:)

النزوح بين المنطوق لأجله والمسكوت عنه

التمكين الاجتماعي للنازحين.. تغيير ممنهج أم ضرورة إنسانية؟

عدن تحت الضغط.. هل تستطيع استيعاب النزوح المتزايد؟

الهجرة الداخلية.. بين الحاجة الإنسانية والأجندات السياسية

الشرعية والنزوح.. إدارة أزمة أم تكريس أمر واقع؟

المجتمع المضيف والنازحون.. صراع الهوية والحقوق

 

آلة الحرب لم تتسلل لها حرارة الصيف وانحطاط العملة وتدهور الاقتصاد فعلى أعتاب هذه المدينة بدأ التمكين الاجتماعي للنازحين يشكل ثقلًا ومنعطفًا خطيرًا إذ يعتبر هالة عميقة للتغيير الديمغرافي الذي يهدد نسيج المجتمع وهذا ما نراه يحدث بطريقة متسارعة .

إن التغيير الديمغرافي يشكل خطرًا مضاعفًا باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الجهود التي تعبث بالشأن الداخلي لصناعة واقع ديمغرافي يشكل ركيزة لمشروع جيوسياسي ومحاولة إلى تنامي هوية جديدة (الهوية اليمنية ) تبلورت إلى ملامح أزمة ديمغرافية يراها العالم من وجهة نظره طبيعية وتراها عدسة منطق واقع الجنوب على خلاف ذلك كحالات النزوح لكن الخطر الأكبر هو تغيير ممنهج تمارسه الأطراف المتربصة بالجنوب بهدف احداث أمر واقع من خلال التهجير والاحلال السكاني من المناطق الشمالية في ظل حدوث انزياحات سكانية واسعة الأفق وهذا ما برمجته الجهات المسؤولة ( الشرعية ) عن إدارة الأزمة وارتأت عن ذلك وتركها تُفرغ في حواضن ( الإنسانية والتكافل الاجتماعي والتآزر والمجتمع الواحد ) . ماكينة الديمغرافية نشطت منذ زمن لكنها لم تكن كهذه التي تحدث ربكة في المشهد العام اليوم حيث بات كل شيء مهددًا منها العادات والسلوكيات المجتمعية على رأس الهرم إذ يمتاز المجتمع الجنوبي بدءًا من عدن بخاصية وهوية خاصة.

النزوح ليس طارئًا أو حالة تحدث مصادفة بل هي تمكين اجتماعي ممنهج وليس وليد اليوم وإنما ظاهرة تحمل في طیأتها مآسي معاناة على مختلف الصعد السياسة والاقتصادية والاجتماعية .

إن البعد الديمغرافي للصراعات والحروب من مسببات استمراره وهذا ما نتج عنه نزوح المدنيين من مناطق متفرقة من خارج رقعة جغرافية الجنوب بشكل متخم وغير متوازن في ظل الركود الاقتصادي وتردي الخدمات نتيجة زيادة التعداد السكاني وذلك يعود ويرجح لحركة النزوح التي تنظمها الأطراف السياسية لدى السلطة متمثلة بالشرعية أو حزب الإصلاح . إ، النظر إلى نسبة السكان بالإضافة إلى القدرة على الادخار من نسبة الإنتاج والاستثمار الصافي والاقتصادي وحاصل نمو الدخل السنوي فإن زيادة نسبة السكان في ظل غياب القدرة على الادخار يرهق الكاهل فلو أنها تحولت إلى استثمارات نتيجة فعليا فإنها ستحسن من الأداء الاقتصادي .

ومن عمق فحوى مفهوم النازح بأنه الشخص الذي اكره أو أضطر على ترك محل إقامته المعتاد إلى مكان آخر داخل حدود دولته لتجنب آثار نزاع مسلح أو لتجنب حالات العنف العام أو انتهاك حقوقه الإنسانية أو نتيجة كارثة طبيعة أو بفعل الإنسان أو درء تعسف السلطة يتأتى السؤال الذي يفرض نفسه : كيف لجغرافيا الجنوب أن تكون ملاذًا آمنًا لهؤلاء وهي منطقة لم ترفع الحرب اوزارها عنها بعد ؟ ثم كيف يذهب هؤلاء النازحون في المناسبات الوطنية والدينية إلى مناطقهم التي بسببها نزحوا تحت ذريعة أنها ليست آمنة ؟ اهي آمنة أم غير آمنة .

 

الوضع الراهن وآفاق المستقبل

 

إن الوضع الراهن مثخن بالظروف التي تمر بها عدن كمجتمع مضيف للنازحين من محافظات الشمال لأنها ليست قادرة على استيعاب هذا الكم المأهول من أعدادهم كونه فوق طاقتها القدراتية على مستوى الخدمات والحياة بكل أصعدتها ، ناهيك على أنها تواجه جبهات مشتعلة من المؤامرات مفتوحة على مصراعيها من كل الاتجاهات كونها العاصمة الرسمية للمحافظات الجنوبية وفق تطلعات الشعب الجنوبي بما يجري مع استحقاق استعادة الدولة الجنوبية الذي صُدح به منذ 1994 وهو تاريخ الغزو الأول على الجنوب من نظام عفاش ، إذ يشكل النزوح في وقت صعب كهذا كارثة كبيرة وخطرا يهدد أمن واستقرار المدينة والجنوب كون سردية التاريخ مع ظاهرة النزوح للشماليين إلى الجنوب لم يكن يحمل في طياته ثقلا إنسانيا كما يروج له بل منحى سياسي أصله الاستيطان وذاك تاريخ تفاصيله شاهدة عليه .

إن النظرة التحليلية للواقع اليوم لابد أن تستفيد من تجارب الماضي الأليم الذي على أثره عانى ولا زال يعاني الجنوب بكل أراضيه وعلى رأس القائمة العاصمة عدن ، إن حالة الواقع لا تلبي احتياجات السكان الأصليين مما غيب لديهم التكيف وجعلهم في حالة من القلق الدائم تجاه أي تدفق جديد للنازحين ، مما يجعل المؤشر يتجه إلى أن ظاهرة كالنزوح تمثل قضية أساسية واولوية تحتم سرعة تشخيصها وإيجاد حلولا عاجلة لها ، ولابد أن يؤخذ فيها وضع المجتمع المضيف وليس النازحين فحسب الذي تتجه له أجندات المنظمات للأسف الشديد على خلفية الأزمة الإنسانية في اليمن ، إذ تهتم بالجانب الإغاثي والإنساني للنازحين دون مراعاة هشاشة مناطق المجتمع المضيف مما يعرضه لكوارث وأزمات هي واقع معايش اليوم يقتات منه كل مواطن جنوبي ، على سبيل المثال تردي ملف الخدمات وحالة اللاستقرار جراء ظواهر أخرى منها المخدرات وانتشار الجريمة ، علما بأن خصوصية المجتمع المضيف لا تتشابه البتة مع خصوصية مجتمعات النازحين وهناك فروق شاسعة في الثقافة والسلوكيات والعادات والتقاليد …. الخ .

إن رسم سياسة النزوح ككل يحتاج إلى الاعتراف أولا من كل الجهات المعنية بأحقية المجتمع المضيف من تقبل أو رفض عملية النزوح وتدفقه وتزايده لأن ذلك من حقوقهم الطبيعية كقدرة استيعابية ، والبدء بعمل أجندة واضحة تستوعب كل أطراف عملية النزوح علمًا بأنه يلاحظ أن النزوح لعدن تحديدا أخذ منحى لافت للنظر فاصبح سكان المجتمع المضيف في حالة عجز من ممارسة حياتهم الطبيعية مقارنة بالنازحين الذين أضحت حركتهم كأنهم في موطنهم الأصل ، ضف على ذلك أنهم يجدون فرصا أفضل من سكان المجتمع المضيف على أصعدة مختلفة وهنا لا ننسى الوضع السياسي الذي تمر به اليمن ككل والنزعة العرقية والقبلية التي تحاول أن تسقط على حضرية المجتمع المضيف .

إن النظر في مسألة كهذه بحجم كارثي من منظور انساني أيضا لابد أن يشمل حقوق المجتمع المضيف ، فالكثافة السكانية التي تزايدت انعكس أثرها السلبي على جوانب الحياة المختلفة منها الصحي إذ انتشرت أمراض الحميات والانفلونزا والأوبئة …. وغيرها بفعل التزاحم لأن البيئة لم تعد صحية وتسهل عملية نقل العدوى ، ويجدر الإشارة إلا أن نسبة البطالة في عدن كمجتمع مضيف في حالة تزايد مع أن أنها تعتبر خزين للقوة العاملة من فئة الشباب لكن فرص العمل أضحت ضئيلة لزيادة النازحين وبدوره أيضا ينعكس إثر ذلك سلبا لظهور سلوكيات دخيلة على المجتمع المضيف ، ضف على ذلك البنية التحتية المتهالكة جراء الحروب على عدن وعدم المصداقية في الإصلاحات من قبل السلطة ( حكومة اليمن ) ماتبقى منها قضى عله تدفق النازحين بشكل ملحوظ وعين ، علاوة على ذلك خدمات النقل والمواصلات في مناطق التركيب الداخلي للعاصمة عدن لا يمكن اجراء عملية توسيع للشوارع أو استحداث شوارع جديدة لعدة عوامل جغرافية منها الازدحام السكاني والمساكن العشوائية التي ضيقت الشوارع ، إذ لوحظ غياب الالتزام بالتخطيط الحضري إذ طغت تعزيز وظيفة حضرية على أخرى في ذاك التخطيط منها الوظيفة السكنية على وظيفة أخرى كالنقل والمواصلات ، الأمر الذي يجعلنا نقف على عتبة نقطة هامة للغاية أن معظم النازحين القادمون من مناطق الشمال جاءت رحالهم مع مركباتهم بالتالي القدرة الاستيعابية في عدن للسيارات ووسائل النقل المختلفة اصبح ضعيفا ….. وغيرها من ملامح غياب المدنية إلى ريفنة الحضر وتغيير الطابع العام لعدن حتى على صعيد اللهجة والبناء المعماري إذ بدت تتلاشى صبغة معالم عدن الأمر الذي يعزز سرعة الاستجابة لنداء المجتمع المضيف في إيجاد حلولا مستدامة لظاهرة النزوح .

النزوح وأثره على الهوية الجنوبية.. تغيير ثقافي أم طمس للخصوصية؟ -



تعليقات (0)

إغلاق