بكم بعتم أهل غزة يا حكام العرب

كتب / خالد الصيعري
الاثنين 24 مارس 2025
في الوقت الذي تواجه فيه غزة أبشع حرب إبادة عرفها التاريخ الحديث، يقف العالم العربي صامتًا، بل ويتواطأ بعض حكامه بشكل مباشر أو غير مباشر مع المحتل. السؤال الذي يفرض نفسه بقوة بكم بعتم دماء وأعراض وأرض أهل غزة؟
هل كان الثمن صفقات التطبيع؟ أم دعم الأنظمة السياسية؟ أم مجرد صمت مقيت أمام أعين تذرف دموع التماسيح بينما تشارك في حصار شعب أعزل؟
لقد تجاوزت المأساة في غزة كل حدود الإنسانية، ولم يعد الصمت خيانة فقط، بل أصبح مشاركة في الجريمة. فمن يقف مع المحتل اليوم هو شريك في الدم، ومن يتفرج هو خائن للأمة.
غزة تحت القصف.. والعرب في قصورهم الفاخرة
منذ بداية العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، ارتفعت أعداد الشهداء إلى آلاف، معظمهم من الأطفال والنساء. البيوت دُمرت، المستشفيات قُصفت، والأمل بدأ يخفت تحت أنقاض المباني. لكن السؤال الأكبر أين العرب من كل هذا؟
مصر فتحت معبر رفح جزئيًا بعد ضغوط شعبية، لكنها تفرض قيودًا صارمة، وكأنها تحمي حدود العدو أكثر من حدودها.
السعودية والإمارات تواصلان التطبيع وتنسيق العلاقات الأمنية مع إسرائيل، بينما غزة تحترق.
الأردن خطابات غاضبة في الأمم المتحدة، لكن أفعالًا لا ترقى إلى مستوى الكلام.
الأنظمة الخليجية الأخرى بعضها يقدم مساعدات إنسانية، لكنه يرفض قطع العلاقات أو حتى إدانة الكيان الصهيوني علنًا.
أين هي قرارات القمم العربية؟ أين الجيوش التي تدعي الدفاع عن الأمة؟ لقد أصبحت الأنظمة العربية جزءًا من المشكلة، وليس الحل.
لا يمكن فصل صمت الأنظمة العربية عن مسار التطبيع الذي قادته بعض الدول تحت شعار “السلام”. لكن أي سلام هذا الذي يُبنى على جماجم الأطفال؟
اتفاقيات إبراهيم كانت ضوءًا أخضر لإسرائيل لمواصلة جرائمها، لأنها أثبتت أن الدم العربي رخيص.
التنسيق الأمني و بعض الأنظمة تتعاون مع الموساد في ملاحقة المقاومين، بينما تزود إسرائيل بغطاء سياسي.
الإعلام المزيف والقنوات العربية تروج للتطبيع وتشوه صورة المقاومة، وكأنها جزء من آلة الحرب الإسرائيلية.
السؤال هنا هل يعتقد الحكام أنهم بمجرد إدانة العدوان في تصريحاتهم، يبرئون أنفسهم من التواطؤ؟
رغم كل الخذلان الرسمي، فإن الجماهير العربية ما زالت تقف بصلابة مع غزة المظاهرات تخرج في كل العواصم.
حملات المقاطعة تضرب الاقتصاد الإسرائيلي النشطاء يكشفون زيف الأنظمة على وسائل التواصل
لكن الإرادة الشعبية مقيدة بأنظمة قمعية لا تسمح بتحرك حقيقي. فمتى ينتفض العرب ضد حكامهم كما ينتفضون لأجل فلسطين؟
الخاتمة: لن يغفر التاريخ ولا الدم
يا حكام العرب، التاريخ سيسجل أنكم وقفتم متفرجين حين دُمرت غزة. سيذكر أن بعضكم أدار ظهره بل وشارك في الحصار. الدم الفلسطيني سيلاحقكم في كتب التاريخ، وسيُفضح تواطؤكم أمام الأجيال القادمة.
فإذا كنتم قد بعتم غزة بثمن بخس، فاعلموا أن الدماء لن تسقط بالتقادم، ولن يغفر لكم شعبٌ يعرف أن خيانته جاءت من قصوركم قبل أن تأتي من أعدائه.
غزة تقاوم.. فمتى تقاومون