اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

حضرموت بين الحشود والحشود المضادة: هل سيدور الفلك ليعيد لنا 2011 ولكن بنكهة حضرمية ؟

حضرموت بين الحشود والحشود المضادة: هل سيدور الفلك ليعيد لنا 2011 ولكن بنكهة حضرمية ؟

كتب / أ عوض بلعيد لكمان
السبت 26 ابريل 2025

كأن التاريخ لا يملُّ من تكرار نفسه، ولا الزمان يرتوي من مشاهد التزاحم على شوارع الاحتشاد. مشهدٌ يتكرر، ولكن هذه المرة في حضرموت، الأرض التي عُرفت دوماً بأنها واحة أمن وسكينة، تهتزّ اليوم على وقع طبول الحشود والحشود المضادة، بين ما يُعرف بالمجلس الانتقالي من جهة، وحلف قبائل حضرموت من جهة أخرى. وتبقى الأسئلة معلقة في سماء القلق: أيدور الفلك ليستنسخ عام 2011، ولكن بطبعة حضرمية هذه المرة؟

مشهدٌ يبعث في الذاكرة صورًا محفورة في قلب كل يمني، حينما كان شارع الستين في صنعاء، والسبعين في المقابل، ساحتي جذب وتنافر، وكل طرف يدّعي امتلاك الحقيقة وحده. فهل نعيد الخطأ ذاته؟ وهل سنسير في ذات الدرب المظلم، الذي لا يؤدي إلا إلى التشرذم والضياع؟

في حضرموت اليوم، لا تُعدّ ولا تحصى الأموال التي تُنفق لحشد الناس، وإغراء المؤيدين، وتزيين الساحات، وحشد الخطابات. ميزانيات تُهدر وكأنها لا تعني شعبًا ينتظر مدرسة لأطفاله، أو مستشفى ، أو طريقًا يأمن فيه المارّون من الغدر والحفر. تُبذل الأموال بسخاء، لا لترميم ما تهدّم، بل لرفع شعارات تزيد الشرخ وتوسّع الفجوة.

أيها المختلفون على السلطة، إن حضرموت ليست ساحة لتصفية حساباتكم، ولا رقعة شطرنج تحرّكون فوقها قطع الولاءات. إنها بيت الجميع، وإذا اشتعل هذا البيت، فلن ينجو فيه أحد.
لماذا لا تجلسون على طاولة حوار، وتُشعلون شموع التفاهم بدل أن تشعلوا فتيل الفوضى؟ لماذا لا توجّهون هذه الجهود وهذا المال نحو ما يبني لا ما يهدم، نحو ما يجمع لا ما يفرّق؟

حضرموت اليوم هي الأكثر أمانًا بين محافظات الوطن المنهك، فلا تجرّوها إلى مربّع الفوضى الذي سقطت فيه مدن كثيرة قبلكم. لا تجعلوا من الحشود مهرجانات للقوة الخاوية، بل اجعلوها وقفة صادقة مع الذات، تعلنون فيها أن حضرموت أغلى من كل كراسي السياسة، وأثمن من كل شعارات التجييش.

التاريخ لا يرحم، وحضرموت، إن دخلت دوامة العنف، فلن يخرج منها أحد رابحًا. وحده المواطن الحضرمي البسيط سيكون الخاسر الأكبر، وحدها الأرض التي طالما كانت مثالًا للسلام، ستنزف من جراح الفتن التي يُراد لها أن تُزرع.

فلتكن دعوتنا اليوم: لا تعيدوا 2011، لا تكرروا المأساة، لا تحوّلوا حضرموت إلى نسخة أخرى من مدن احترقت تحت أقدام التناحر. اجعلوا من الحوار جسراً، ومن الحكمة منارة، ولتكن مصلحة حضرموت هي العَلَم الذي لا يسقط، مهما اختلفت الرايات.

إغلاق