ما أشبه الليلة بالبارحة في اليمن ومنعطف ثوار فيتنام!!!!!

برفيسور ايوب الحمادي

اكثر من 100 سنة وزيدنا فوقها ايضا عشر، ولم تتغير ثقافة اليمني في المشهد السياسي. لازال يمني بسيط لم يتعلم في المعاهد السياسية ولا من أبناء الجوار برغم إنه المفروض يكن حالنا أفضل مرتكزين على إرث حضاري اقلها بدل ان تغلب على اليمني منا في المشهد صفة البرغماتية لدرجة الانتهازية من بوابة التكسب بمعاناة بلده ومجتمعه، في اي غرفة او ورشة او مؤتمر او لقاء كان بقصد او بدون قصد. صفة مخجلة نجدها امامنا تتوسع بشكل مستمر، لايهم الانتهازيين شيء غير النفعية السريعة، ولايغرنكم البهرجة والكرفتات والعبارات الوطنية، التي نسمعها، فالكل يرتدي اقنعة تمثيل على الغلابة، الذين لايجدون حتى سلات الغذاء على قولة احد الاصدقاء بمجمل طرحه.

وهنا اورد أحد الأعزاء سردية تاريخية تقول “انه في 11 سبتمبر 1911م وقع صلح دعان بين أحمد عزت باشا مندوب السلطان العثماني وبين الإمام يحيى حميد الدين في قرية دعان القريبة من مدينة عمران، وذلك بعد سلسلة من الحروب وقعت بين الطرفين. كان الوضع في اليمن بنظر الدولة العثمانية يحتاج إلى تهدئة عامة لأن هناك اخطار تستنزف الدولة العثمانية في ليبيا والبلقان وغيرها بمعنى يكفي استنزاف لجنودهم في اليمن منذ سنوات. ومن تلك الخطوات لتهدئة الامور في اليمن أرسل السلطان العثماني عبدالحميد الثاني بعد الاستنزاف المستمر في اليمن وقبل دعان اي في 1908م يطلب وفداٌ من كبار رجال صنعاء من سادة وعلماء وأعيان ليتكلموا عن قضيتهم، ولماذا يقاتلون الاتراك، ووصل الوفد إلى اسطنبول ومكثوا بها مدة طويلة. مكثوا مدة طويلة يتفرجوا ويتفسحوا كما هو حالنا اليوم وما أشبه اليوم بالبارحة كما نتحدث، والعثمانيون يراقبون ثوار اليمن وسلوكهم، حتى استطاعوا بعد ان شبعوا واتفسحوا مقابلة السلطان العثماني، ولم تدم المقابلة إلا عشر دقائق فقط كما يتحدث التاريخ، ويرجع ذلك اساسا إلى سلوك الوفد اليمني الغير عقلاني اولا، وثانيا فشل اعضاء الوفد في عرض القضية، والتى أتوا من أجلها وحتى كان الوفد يختلف اساسا فيما بينه وبين نفسه حول أكثر من نقطة ولم ينقسم الوفد هنا حول كيفية حل أزمة اليمن فقط بل اختلف اعضاء الوفد اليمني حول الغرض من حضورهم إلى اسطنبول ايضا، فكان أكثرهم وهم الانتهازيين يرون أن المثول أمام السلطان فرصة لا تعوض لنيل مطالب خاصة لكل واحد منهم، يعني بمفهوم اليوم استرزاق ومصالح شخصية كالحصول على مناصب وبيت ومراكز معينة في الدولة، ونسوا وقتها اليمن وانهم يدعون الوطنية، وانهم يمثلون ثوار، ولهذا لم يحترمهم السلطان العثماني ولا احد في الباب العالي، وانتهى اللقاء بعشر دقائق، وفشل الوفد واغلقوا الضيافة امامهم، وعاد الوفد مباشرة إلى صنعاء كما اورد، بمعنى لا أنهم استرزقوا ولا كانوا بثقافة ثوار فيتنام كما نتحدث اليوم في العادة ولا التاريخ سجل لهم موقف ثابت للاجيال نقتدي بهم كما كان حال الثائر المجاهد عمر المختار مثلا.

ورغم فشل الوفد الاول طلب السلطان بعد صلح دعان اي بعد العام 1911 وفد يمني، وهولاء على أساس الان ثوار بجد يعني بعد دعان، وكان يقصد بهم من رجال الإمام خاصة، لا من أهل صنعاء ولا من حولها، ووصل الوفد الى اسطنبول، ولم يتعلم من اخفاقات الوفد الاول، لأن الوفد الأول لم ينظر لفشله ولم يحاسبه أحد لأن الأمر له كانت فسحة، وظلوا الوفد الآخر ايضا يتفسحوا ويفتهنوا ايضا، أي لم يختلفوا عن الذين كانوا من قبلهم، وهم على اساس ثوار ايضا، وكان كل واحد يفكر ايش يطلب من السلطان العثماني في المقابلة مثل من سبق بمعنى ثقافة انتهازية تناقلوها بينهم، وقد التقوا بالباب العالي كما تتحدث السرديات، لكن هذا الوفد فشل ايضا في شرح قضية اليمن لدى السلطان ايضا، لانهم ايضا طالبوا بأمور خاصة لهم ونسوا مهمتهم الوطنية واليمن”. هذه الرواية سردها لي صديق برفيسور في الدستور والقانون اليمني قبل ايام ردا على مقالة ثقافة ثوار فيتنام.

وعلى قولته أيضا بروف ايوب، اليوم لم يتغير شيء منذ ذلك الوقت فمن يتحدث حول اليمن والسلام والمستقبل في الغرف السياسية والمحافل وحتى الورش البسيطة، هم مثل اولئك الذين نسوا اليمن امام السلطان العثماني، فلم يحترموا ذاتهم ولم يفكروا بمجتمعهم، ولذا لم يحترمهم احد في الباب العالي. الكل تجار وهم باقنعة مختلفة، ولكن القاسم المشترك للكل معاناة اليمن هي البضاعة لهم يتاجروا بها في ورشة أو غرفة وعاد محملين اليمن جميلة أنهم يندبون حظهم.

اكثر من 100 سنة مرت وفوقها 10 ولم يتغير شيء في سلوك النخب السياسية أو في ثقافتنا، وفي التعاطي مع القضايا الوطنية بعيد عن المال المدنس الخارجي والمنظمات، فكلما يصل يمني لعند دول الجوار أو المجتمع الدولي ينسى قدسية القضية الوطنية والهدف، ويفكر فقط بكرشة، وهذا ما اوردته أحد الاخوات وهي في المشهد السياسي بقولتها “أنا لايهمني إلا مصلحتي”، وايضا على قولة احد الاخوة الدكاترة في النقاش “الامر بروف لايحتاج تفسير وأنما يعود الى الجوع التاريخي وسرد هنا حكاية أحد الشيوخ في اليمن، الذي كان ينحني بشكل مستمر برغم إنه على قولته شابع ولا يحتاج”. لذا الكل ينحني امام من يدفع بسبب ليس الجوع الذي يعاني منه الفقراء امثالنا وأنما الجوع التاريخي، ومستعد يبيع القضايا الوطنية والاسلامية، لأن الأمر صار سلوك استرزاق، ونادر جدا أن تجد من يمتلك ثقافة ثوار فيتنام بيننا.

واضاف اخر بروف ايوب، لم نكتفي بذلك، ولكن كأنه قدرنا أن نحارب كل شخص يريد يصنع كرامة لنا ويرفض أن نتكسب بالقضايا الوطنية ونتهمة ونشيطنه لانه لايريدنا نسترزق.
المهم ملخص نقاشنا المتفرق حول صراع القيم والمبادئ وثقافة ثوار فيتنام، والذي اجد وأنا في الثلث الأخير من العمر أنه في اليمن صراع غريب نعيشه نحن اليمنيون، لم نفلح إلا في محاربة بعضنا بعض واعاقة بعضنا بعض، وحتى في غرف الوتس اب نجد نقاشات البعض وتعاطيهم مع قضايا بلدهم المصيرية تعكس الجوع التاريخي، أي صراع بين المبادئ والقيم من جهة وبين البرغماتية الانتهازية، ومحصلة ذلك في الواقع نجد أن كثير منا في المشهد يغلب عليهم صفة طلابين اي شحاتين، كما قال الرئيس السابق، بمعنى تجار بقضايا امتنا اليمنية، وليس فقط من فترة بسيطة وانما من أكثر من 110 سنة اقلها حسب السرد.

صرنا نخجل كل يوم أكثر فاكثر ونحن نعيش ازمات حقيقية بيدنا الحل لو نمتلك قليل من القيم والمبادئ الوطنية وقليل من الكرامة. وقتها سوف ننحاز لامتنا اليمنية ونطمح نكبر باليمن واليمن تكبر بنا بين الامم فلا يوجد هناك ضرورة ان نكون شقاة باليومية مع الخارج باشكاله واهدافه المختلفة. الخارج ينظر ان اي انسان في المشهد السياسي اليمني له سعر ولايغرنكم البهرجة والفلسفة لهم، وهذا ماقاله لي احد الاخوة من الخليج قبل كم سنة، بمعنى وبسرده وقتها “بروف انت تتحدث معنا بهذا الاسلوب، لانه لا يصلك مسيج أي رسالة نهاية الشهر لتلفونك، انه دخل حسابك منا هذا المبلغ، ولذا لاتحدثنا عن الامة اليمنية” وكأنه يريد أن يقول أن الكل منكم ينحني أمام 8 دولار حتى في ورشة عمل. هذه هي صورة اليمني السياسي بنظر غيرنا والتي نسعى لتغييرها لاجل الاجيال القادمة ولنجد اليمن كبيرة كما حضارتها وليس كما يتم تسويقها.

ولذا علينا اليوم أن نختار في حياتنا أن نكن احرار وكبار، نكن مع القيم والمبادئ والثوابت الوطنية، نبحث عن اليمن فكرة وانسان أولا في داخلنا، نزرع ذلك كثقافة وعي حقيقية لثوار يبحثون عن وطن أو نكن مثل من سبقنا أو من هم حولنا ننحني للخارج ولمن يدفع، ونقول تمام، فالخيرة ماتختاروه انتم لبلدنا. وقتها لايحق لنا أن نتهم غيرنا أنهم اوغاد، كون تركونا ننهش ببعضنا بعض وندمر بلدنا ومجتمعنا من بوابة هدم القيم والانسان قبل تمزيق الجغرافيا، ويتركونا نتحول بعدها إلى قصاصات ورق دون معنى.