“ملف سياسي (باب التعليم 2)”
كتب / جابر عبدالله الجريدي
السبت 14 ديسمبر 2024
*لماذا السلطات الفاسده تسعى لتدمير التعليم؟*
*وماهي أهمية التعليم بالنسبة للوطن والدولة والمجتمع؟*
سأبين ذلك في مثال وحكاية تختصر الشرح وتُسرع عملية الفهم للأذهان؟ ما أهمية العلم وما عواقب الجهل؟ وكيف تكون الدولة التي تهتم بالتعليم؟ والدولة التي جعلت التعليم ينحدر إلى الهاوية؟
“لتعرفوا ان العقل المتعلم أفضل بشكل لافت وبائن من تلك العقول الحيوانية (الجاهلية)”.
كانت هناك مملكتان عظيمتان يفصل بينهما محيطاً كبيراً جداً، وكانت هذه الممالك تتنافس بشكل كبير على السيادة والقوة، دائماً ما تحصل بينهم نزاعات وحروب يذهب ضحيتها الآلاف من الجنود وكادت تلك الممالك ان تهلك، حيث توارث الملوك العرش على فترات طويله وهم على هذه الحاله من الاضطرابات والنزاعات، حتى ورث المملكتين ملكين، وعندما رأى احد الملوك ان مملكته ستُدمر وتنتهي اذا استمرت هذه الحروب فكر ملياً بأن عليه أن يطلب من الملك الآخر الهدنة لعدة سنوات، لانه يريد تدبير أموره بشكل أفضل من أجل الانتصار..
قبل ذلك الملك الآخر الهدنة لمدة عشر سنوات، وعاد كل ملك إلى مملكته، كلٌ يفكر كيف سينتصر على الآخر بعد الهدنه؟ وماذا عليه أن يعمل من أجل تحقيق ذلك الإنتصار؟
الملك الذي طالب (بالهدنه) والذي كان في تلك الفتره ضعيف جداً وأنه لا مجال له في ميدان المعركة، وقف حائراً ماذا عليه ان يعمل في هذه الهدنة..؟ فكر ملياً..! بعد التفكير الطويل الذي استغرق منه اشهراً كثيره والبحث الطويل عن الحل الذي يريده، قال انه لابد علي ان أهتم بالتعليم، علي اولاً ان اطور هذا الملف العظيم الذي تركه الملوك من قبلي، وانه الآن يجب علينا أن ننفض الغبار عن هذا الملف لنستخدمه من أجل الإنتصار في المعركة القادمة..!
ذهب يبحث عن المفكرين والمعلمين في أنحاء المملكة والدول المجاورة، حتى قام بجمع عدد كبير من العلماء والفلاسفة والجهابذه وأساطير العلوم الذين نبذتهم المجتمعات في تلك الفتره لأنهم ظنوا ان الإنتصار بالأموال والقوة..
حتى وضع نظاماً علمياً.. وأهتم كثيراً بأولئك المعلمين حتى يخرجوا له تلاميذ عباقرة وأذكياء يستطيع بهم الإنتصار، ذهب الملك إلى الأقلام والعقول ليخرج منها أقوى سلاحاً لمملكته وهو (العلم)، فاستطاع هو ومن معه من إبدال تلك الأسلحة التقليدية إلى أسلحة أكثر تطوراً وفتكاً وصلابة وأقوى تاثيراً..
بينما..ذهب الملك الآخر الذي أخذته العزة لأنه يرى الملك الآخر ضعيفاً وهو يستطيع بعد الهدنة أن يلقي بهم في أعماق ذلك المحيط الذي يفصل بينهم.. ذهب ليهتم بالمعسكرات والجنود وأعتمد على تلك الأشياء العادية والأسلحة التقليدية المعتادة، وذهب يبحث عن اقواء الجنود وأعتاهم ليمكنهم من مملكته ويضعهم في مراكز متقدمه لتصبح مملكته أكثر قوة وأشد فتكاً، معتمداَ على القوة والمال سلاحاً له يحافظ عليه إلى انتهاء مدة الهدنة ليضع يده على المملكة الأخرى.
أنتهت العشر سنوات وكل ملكٍ متأمل انه سيفوز في تلك المعركة بسبب الخطة التي أعدها خلال العشر سنوات.. طبعاً الحرب ستكون في ذلك المحيط الكبير الذي يفصل تلك المملكتين، تواعدوا على موعد المعركة، فأما صاحب القوة أعتمد على الجنود وجهز السفن والأسلحة التقليدية ليذهب في فناء ذلك المحيط ظاناً انه سينتصر في المعركة بلا شك، ونسي ان البحر لابد من خوضه ان يكون هناك عالماً بأسراره (الملاح)، فذهب جنوده في البحر معتمدين على القوة ولكنهم تفاجئوا ان البحر قد توسع عليهم، وأن هناك مساحات كبيره وأسرار فيه خطيره لايستطيعون مجابهتها، فأخذت الأمواج تتخطفهم هنا وهناك لتتيه بهم في المحيط ليبقوا عاجزين مخذولين (وعسى ان تنفعهم قوتهم) ضاعوا في ذلك المحيط، ثم ماذا بعد…؟
وأما ذلك الملك الذي استخدم (العلم سلاحاً) له استطاع إختراع الأسلحة الحديثة الفتاكه واستطاع أن يعرف كل المحيطات والبحار، وكان في جيشه الكثير من الملاحيين والصناعيين والمفكرين والخبراء والفُطناء، ليذهبوا في ذلك المحيط وعبر تلك السفن لأرض المعركة (المحيط) فتفاجؤا بأن لم يجدوا أحداً أمامهم فساروا بالجيش حتى وصلوا بر وأرض أعداءهم أصحاب المملكة الأخرى، ليتفاجؤا بأن المدينة خالية، وإن الملك بقي فيها وحيداً منتظراً جيشه القوي يبشره بالنصر والظفر، ليتفاجئ ان الجنود ليسوا جنوده، والسفن ليست له، والأعلام المرفرفه هي أعلام العدو، ماذا حصل ياترى؟ أين تلك الجنود والسفن؟ هل من الممكن أنهم قد هُزموا؟..
سيطروا على مملكته وأخذوا كل مايملك وألقوه في السجن..
بعد ذلك عاد جنوده من المحيط ظانين ان القوم جُبناء ولم يأتوا إلى ساحة المعركة، وإذ بهم يجدونهم أمامهم قد انتصروا حقاً وأن الوقت إنتهاء لا مجال ولا فرصة للننقض عليهم، فحاولوا الهروب منهم، ولكن تلك الاسلحة الفتاكة لم تُتِح لهم الفرصة للهروب، فضربوهم بها وألقوا بهم في قاع المحيط ليعُلن ذلك الملك الذكي والذي جعل العلم (سلاحاً) لمملكته الإنتصار بدون خسائر..
*(ليتبين لنا جميعاً انه لا فرصة لفوز الجهل على العلم بتاتاً، ومن يملك سلاح المعرفة يسيطر على من يملك سلاح الغفلة)*