المسؤوليه مغرم وليس مغنم

كتب / الشيخ حسين غالب العامري
الخميس 6 فبراير 2025
حمداً لله لا معبود سواه، وصلاة ربي وسلامه على نور الهدى ومن اقتدى بهداه.
أحبتي، كلمة الحق أمانة في أعناق الجميع، وإذا اختلت الأمانة حلت الكوارث على المجتمعات والشعوب. والنقد البنّاء ثمار إصلاح المجتمعات، فهو ينهض بها بسلوك حضاري، ويقيم منار العدل والإنصاف.
لقد سبق لي نشر مقالات ومناشدات للنائب العام، داعياً إلى توجيه النيابات المختصة بالأموال العامة والأجهزة الرقابية للتحقيق في قضايا الفساد. وكم سعدتُ بتوجيهات سيادة النائب العام للنيابة العامة بالتحقيق مع بعض مديري العموم. ولكن يبقى السؤال الذي يطرحه عامة الناس: هل الفساد محصور في بعض المرافق بحضرموت فقط؟
كل يوم نطّلع عبر مواقع التواصل الاجتماعي على قضايا فساد تتعلق بإنفاق الأموال العامة هنا وهناك.
سيدي النائب، هل في القانون والدستور ما يجيز لمجلس القيادة الرئاسي، والمجالس الحكومية، والبعثات الدبلوماسية وملحقاتها، وبطاناتها، أن يتقاضوا رواتب بالعملة الأجنبية؟
وفي المقابل، ماذا قدّم هذا الكم من المسؤولين للبلد والشعب حتى يحصلوا على تلك المرتبات، في حين أن العملة الأجنبية تواصل الصعود المتسارع؟ الريال السعودي يقترب من 600 ريال يمني، بينما راتب الموظف البسيط لا يتجاوز 120 ريالاً سعودياً! وفي ظل الوضع المعيشى أقل أسره ألف ريال سعودي لا يسد احتجاجاتها فما بالكم من راتبه ١٢٠ريال سعودي والبعض لم يلاقيها
إذا كنا نريد القضاء على الفساد، فعلى الدولة أن تبدأ بالمحاسبة من القمة قبل أن تصل إلى الموظف البسيط. الجميع يدرك حجم الأزمة الاقتصادية وتدهور العملة، حيث لم يعد الراتب يغطي احتياجات المواطن البسيط، وهناك من يعمل بالأجر اليومي وتمر عليه أيامٌ بل أسابيع دون عمل!
علينا أن نكون أمناء فيما استرعانا الله عليه، وإلا فإن الفساد سيتفاقم، وستنتشر الجريمة. وندرك أن البلاد تحت البند السابع، وهذا يعني أن مواثيق الأمم المتحدة تلزم الدول الراعية بالإشراف على تنفيذ هذا البند، ودعم الاقتصاد، وتحسين البنية التحتية والخدمات، ليحصل المواطن على حياة كريمة.
لذلك، يفترض أن تكون هناك حكومة مصغرة ذات كفاءة تدير شؤون البلاد، لا هذا الكم الهائل من الوزراء، والبعثات الدبلوماسية، والمجالس النيابية والاستشارية، التي لا دور حقيقياً لها وسط معاناة الناس. فكل كيان له إعلامه الخاص والمطبلين له، والنتيجة: إنفاقٌ ضخم بالعملة الأجنبية دون فائدة حقيقية للبلاد!
سيدي النائب، الأمانة عظيمة، وقد أبت السماوات والأرض والجبال حملها، وأشفقن منها. والله الذي لا إله إلا هو، إن الناس في كارثة حقيقية.
نسأل الله أن يُولي علينا خيارنا، ولا يُسلط علينا بذنوبنا من لا يخافه ولا يرحمنا، إنه وليّ ذلك والقادر عليه.