اعلانك معنا تحقيق اهدافك التجارية وزيادة مبيعاتك
ابحث في الموقع
تاربة اليوم - الموقع الإخباري اليمني

قتل الناس جوعا

قتل الناس جوعا

مقال لـ / أشرف قطمير
الجمعة 7 فبراير 2025

في اليمن، حيث تحولت الحياة إلى صراع يومي من أجل البقاء، يعاني المواطن البسيط من أعباء لا يتحملها بشر، بينما قلة فقدوا ضمائرهم يراكمون الثروات على حساب جوع الملايين. أسعار الغذاء والدواء ترتفع بلا مبرر سوى جشع التجار والمتحكمين بالسوق، بينما الرواتب لا تواكب هذا الجنون ليجد المواطن نفسه محاصرًا بين لقمة تكاد تكون مستحيلة وواقع يزداد قسوة كل يوم.

إن قتل الإنسان برصاصة أو شنق ينظر إليه كجريمة واضحة، لكن ماذا عن قتل الإنسان جوعًا؟! أليس هذا نوعًا من الإبادة البطيئة ؟! الجائع لا يموت مرة واحدة، بل يعاني كل يوم، يُذل ويهان، يرى أطفاله يتضورون جوعا ولا يملك حيلة لإنقاذهم. أليس هذا عذابًا يفوق الموت ذاته ؟ من يقتل إنسانًا بسلاح يُحاسب شرعًا وقانونا، لكن من يقتل الناس جوعًا عبر احتكار الغذاء ورفع الأسعار بغير حق، كيف نحاسبه ؟ وكيف يمكن لمن مات جوعًا أن يسامحه ؟

وعد الله أن قاتل النفس بغير حق يعذب في جهنم، ولكن القاتل هنا لم يستخدم سكينًا أو رصاصة، بل استخدم الجوع أداةً للقتل، تاركاً ضحاياه يعانون سنوات قبل أن تخطفهم الموتى، فأي عقاب يستحق هذا السفاح؟ إنهم يقتلوننا ببطء، يعذبوننا ونحن أحياء، يسلبون منا الكرامة قبل أن يسلبوا الأرواح. كيف نسامحهم وهم يجعلوننا نعيش الموت في كل لحظة؟ كيف يغفر لهم الله جرمًا لم نملك حتى حق الاعتراض عليه ؟!

إن جريمة التجويع لا تقل وحشية عن أي جريمة قتل أخرى، لكنها أشد قسوة لأنها تفتك بالأرواح دون ضجيج ولأن الجاني فيها يعيش بيننا، يثرى على أنقاض بؤسنا، ويسير بيننا دون خوف من حساب عاجل، لكن حساب الآخرة لا مفر منه. فمن قتل إنسانًا جوعًا كمن قتله بأبشع الوسائل، وسيقف أمام الله يوما ليسأل عن كل دمعة جائع، وعن كل أم رأت طفلها يحتضر بين يديها ولم تستطع إنقاذه، فبأي وجه سيقابل ربه حينها؟!

إغلاق