ويسألونك عن إنجازات الرئيس عيدروس الزبيدي.
مقال لـ / عبدالله سالم النهدي
الثلاثاء 1 اكتوبر 2024
عند الحديث عن ماهي الإنجازات التي حققها الرئيس عيدروس الزبيدي خلال الفترة الماضية من وجوده في واجهة المشهد السياسي الجنوبي، تغفل أو تتغافل أذهان هولاء المتسائلين عن جملة من المعطيات التي لايمكن لأي رئيس دولة في أي مكان أن يحقق إنجازات ملموسة إلا في ظل توافرها، ومن هذه المعطيات أن يكون لديه السيطرة الكاملة على مفاتيح الأمور في الدولة، ويعتمد في ذلك على السلطات الثلاث الأساسية: التشريعية، التنفيذية، والقضائية، بالإضافة إلى السلطة الرابعة (الإعلام) ولو بحدود معينة. فهذه السلطات هي الدعائم الأساسية لأي إنجازات يمكن أن تتحقق.
بدون السلطة التشريعية، لا يمكن رسم السياسات العامة للدولة، بما في ذلك السياسات الاقتصادية، ولن تتمكن السلطات التنفيذية من تنفيذ تلك السياسات بفعالية وفق قوة القانون، دون دعم من السلطة القضائية التي تضمن التطبيق العادل للقوانين. وأخيرًا، يلعب الإعلام دورًا كبيرًا في تهيئة الرأي العام وتقبل السياسات والإجراءات. من هنا، من يمتلك تلك السلطات الأربع يتمكن من تحقيق الإنجازات الملموسة، أما من لا يمتلكها، فإنه يجد نفسه أمام استحالة تحقيق تلك الإنجازات.
وعندما يتساءل البعض عن إنجازات الرئيس الزبيدي، يجب أن ننظر إلى السياق الذي يعمل فيه. فهو يشغل منصب نائب رئيس دولة في وضعٍ معقد، حيث أن القوى السياسية والاقتصادية في البلاد تعرقل أي محاولات لتحقيق إنجازات ملموسة للشعب. فالرئيس الزبيدي يسعى لتحقيق إنجازات تخص الجنوب، إلا أن هناك أطرافًا كثيرة، شمالية وجنوبية على حد سواء، بالإضافة إلى قوى دولية، لا ترغب في نهوض الجنوب أو تحقيق أي إنجازات له. لذا، فإن العقبات التي يواجهها كثيرة، بعضها ظاهر وبعضها الآخر خفي.
من جهة أخرى، يشغل الزبيدي منصب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، وهذا يزيد من التحديات أمامه. العقلية الجنوبية المتأزمة، التي تعود جذورها إلى فترة طويلة من الزمن، تنظر إلى هذا المكون على أنه يخدم منطقة جغرافية معينة. هذا الأمر يزيد من العقبات، حيث يسعى البعض لإسقاط المجلس الانتقالي من خلال تفخيخ الطريق أمامه، مما يدفع الزبيدي للتمسك بحذر بالمنطقة الجغرافية التي يُتهم بالميل إليها.
تلك المعطيات تجعل تحقيق الإنجازات ليس صعبًا فقط على الزبيدي كرئيس للمكون الانتقالي، بل على المكون ككل. حيث تصبح حركة المجلس الانتقالي بطيئة في تحقيق أي منجزات ملموسة نتيجة العراقيل التي يضعها المجتمع المستفيد ذاته.
وأخيرًا، يجدر القول إن من ينتقدون الانتقالي والرئيس الزبيدي لعدم تحقيق إنجازات هم أنفسهم لا يمتلكون رؤية واضحة أو مشروعًا بديلًا يمكن أن يحقق الطموحات التي يرسمونها في خيالهم. حتى المشاريع المنافسة مثل “مكون الائتلاف الوطني”، الذي لا يتجاوز تأثيره حدود مديرية لودر مسقط رأس الداعم المالي له، ويعرف المنضوون تحته أنه مشروع ضعيف وهش، ولا يعول عليه لتحقيق إنجازات حقيقية، بل يأتي من باب المناكفات السياسية لا أكثر.
ومثل ذلك جملة من مشاريع المكونات الحضرمية المتعثرة التي لانسمع عنها إلا يوم إشهارها، ويظل الغموض الناتج عن عدم وجود عمل حقيقي لها، أو أي نشاط على أرض الواقع، يلف حقيقتها وحقيقة الداعمين لها.
وفي النهاية، ليس في الإمكان أبدع مما كان.