ابحث في الموقع

بازمول وباجيدة.. تاريخ وعراقة

بازمول وباجيدة.. تاريخ وعراقة

مقال لـ / أشرف قطمير
الاربعاء 16 اكتوبر 2024

في سيئون، تلك المدينة التي تتقلب بين ظلال التاريخ وحركة الزمن، يتجمع الناس كل عام في مهرجان يتجاوز مجرد الاحتفال ليصبح تجسيداً لتراث عريق. وكأنما الزمن يمنحهم فرصة لاستعادة جزء من مجد قديم، يظهر المقدم برك سالم بازمول، الذي لا يُعتبر مجرد قائد تقليدي، بل يمثل شخصيةً أسطورية تستمد قوتها من جذور هذه الأرض. خطواته تتسم بالهدوء الذي يبعث على الطمأنينة، وعزيمته تعكس شجاعة الرجال الذين يدركون أن الحفاظ على التراث هو نوع من المقاومة الفعلية ضد النسيان. يتقدم فرقته وكأنه يُحاكي جيشاً من الحكايات، حيث تنسجم كل حركة من يده مع إيقاع الزمن القديم، مُعيداً تشكيل ملامح مدينة عانت من مغريات الحداثة الفارغة.

إلى جانبه، يقف المقدم عبدالله باجيدة، الرجل الذي يمتلك هيبة لا تُخطئها العين. ليس قيادياً لمجرد المنصب، بل هو تجسيد للرجال النادرين الذين يعرفون كيف يمسكون بزمام الأمور بقوة وحب. يراقب باجيدة المهرجان وكأنه يتأمل لوحة فنية، يدرك كل تفاصيلها، ويعرف كيف تُدار الأمور من خلف الكواليس، ضامناً أن كل شيء يسير وفقاً لما ينبغي أن يكون.

وعندما تكتسي السماء بلون المساء على سيئون، تتعالى أصوات “الدان الحضرمي”، هذا الفن الذي يبدو بسيطاً ولكنه يحمل في طياته كل مرارة الحياة. يجلس الناس، يتبادلون الشعر كأنما يسترجعون ذكريات أيامٍ كانت فيها اليمن في أبهى صورها. في كل بيت شعري يُقال شيء عن الحاضر، عن الاقتصاد المتعثر، وعن السياسة التي أثقلت كاهل البلاد، لكن تُقال بروح ساخرة، تُذكّر الجميع بأن الأمل لا يزال ينبض.

في حضرة برك سالم بازمول وعبدالله باجيدة، لا يبدو المهرجان مجرد احتفال عابر، بل هو مقاومة صامتة، دليلاً على أن التراث ما زال حياً، وأن سيئون، رغم كل ما يحيط بها، لا تزال تحتفظ بروحها الأصيلة.

إغلاق