أ.د.علي يافعي .. الأكاديمي البارز والإداري المتميز الذي ترك غصات في قلوبنا وذكريات لا تنسى
كتب / أ.د.مهدي الحاج/ عميد كلية الصيدلة الأسبق – جامعة عدن:
ودّعت جامعة عدن وكلية الطب والعلوم الصحية والمحافظة واليمن عموماً زميلنا العزيز البروفيسور/ علي أحمد علي يافعي أستاذ أمراض القلب والباطنة بجامعة عدن، في ليلة حزينة، دمعت فيها العيون، وبكت عليه القلوب المكلومة على إنسان جاد وجميل، وأكاديمي بارز وإداري متميز وناجح، وطبيب خدوم، بعد حياة مليئة بالإنجازات التي سطرها بحروف من ذهب، كيف لا وهذا الإنسان العصامي الصلب ترك إرثاَ علمياً وأكاديمياً وإدارياً كبيراً في مضمار الطب منذ أن كان شاباً يافعاً.
ودعناه إلى مثواه الأخير في جوٍ حزين، وفي لحظات ألم إنساني موجع لجميع أحبابه ومعارفه وعموم طلابه الذي عرفوه أستاذاً أكاديمياً ومسؤولاً إدارياً كبير، ملأ الدنيا في زمانه علماً ناضجاً وسلوكاً مميزاً، وأبحاثاً ومشاركات علمية رصينة متوازنة ثرية، لما له في كل حقل من تلك الحقول بصمة واضحة وأثر بَيِّن، ونقشاً لن يُمحى، ومساهمة كبيرة وملموسة وإيجابية.
فقيدنا كان ضمن أحد العمداء المؤسسين الأوائل الذين تعاقبوا على عمادة الصرح العلمي الكبير (كلية الطب والعلوم الصحية) بدءاً بالأستاذ الدكتور/عبدالله الحطاب وانتهاءً بالعميد المتمكن الحالي الأستاذ الدكتور/عبدالحكيم التميمي، والتي تُعد من الكليات المتميزة منذُ تأسيسها، وتخرج على أيديهم كثير من الكوادر في مختلف التخصصات الطبية المتميزة والكفؤة التي ذاع صيتها محلياً وإقليمياً وعلى المستوى الدولي.
الأستاذ الدكتور/ علي يافعي شخصية أكاديمية إدارية إنسانية مميزة بعلاقاته المتعددة مع الموظفين والأكاديميين والطلبة والمرضى، لامتلاكه مهارات عالية وكاريزما إدارية على احتواء المشاكل التي تحدث أحياناً وبزمن قياسي، تعرفت عليه منذ الثمانينات حينما كان مديراً لمستشفى الجمهورية وحينها كنت في صيدلية المستشفى، نختلف ولكن لا نفترق هكذا كان شعارنا في المستشفى وكأكاديميين في كلية الطب والعلوم الصحية تحت قيادته، والذي ترك برحيله أثراً مؤلماً وجرحاً غائراً وغصات في قلوبنا، ولم تنقطع علاقتنا الاخوية المتواصلة طيلة ذلك الزمان التي تربطنا به والزمالة الأكاديمية والصداقة القديمة حتى لحظة وفاته.
وتوطدت علاقتي به أكثر عندما تعينت في كلية الطب في العام 1997م حيث استحدث تخصص الصيدلة وتم فصله إدارياً ومالياُ عن الطب حيث كنت حينها رئيساً لقسم الكيمياء الصيدلانية والعقاقير ونحضر اجتماعات مجلس كلية الطب والعلوم الصحية، وكان يرأس الاجتماع بكل احترافية ويحل مشاكل الأقسام العلمية بحنكة إدارية واستفدنا منه كثيرٍ من الخبرات الإدارية والأكاديمية، بعد ذلك تأسست كليتي الصيدلة وطب الأسنان في يونيو 2009م وتم فصلهما عن كلية الطب الأم وتعينت بقرار من رئيس الجامعة الأسبق الأستاذ الدكتور/ عبدالعزيز صالح بن حبتور، وكان لكلية الطب بقيادة الأستاذ الدكتور/علي يافعي ونواب العميد حينها الأستاذ الدكتور/ أحمد عبدربه، والأستاذ الدكتور/ حسين باكثير دوراً كبيراً في إرساء القواعد الأساسية ومداميك تخصص الصيدلة وحققت الكلية العديد من النجاحات وتخرج منها كثير من الكوادر والكفاءات في تخصص الصيدلة، وكذا بمساعدة رؤساء الأقسام والطاقم التعليمي الأكاديمي العراقي والكوبي واليمني المتميزين.
الأستاذ الدكتور/علي يافعي شخصية أكاديمية إدارية اجتماعية نادرة لن تتكرر على الإطلاق، قدم عصارة جهده وخدمات كثيرة للقطاع الصحي لسنوات طويلة، وخدم كلية الطب والعلوم الصحية بروحه ودمه وأشرف على عديد من الرسائل والأطروحات العلمية للطلاب في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، وتخرج على يديه عديد من الأطباء وأصبح الكثير منهم اخصائيين واستشاريين متميزين يشار لهم بالبنان ويعملون في الداخل والخارج، وقدم خدماته الطبية والعلاجية للكثير من مرضى القلب بفطنته وبتشخيصه الدقيق وخبرته الكبيرة.
أتذكر أنه كان يتصرف في معاملاته وسلوكه وتعامله مع الآخرين بمظهر الرجل النبيل منطلقاً من تربيته الأصيلة ومن تراثه الاجتماعي ومن منطلق دينه الإسلامي الحنيف، نعم إنه نوع محترم من صنف الرجال الكبار الأوفياء لسمعة ومكانة أسرتهم المحترمة، لقد خسرناه جميعاً وأولنا أسرته الكريمة، وخسره القطاع الصحي، وخسرته جامعة عدن، والهيئة التعليمية والتعليمية المساعدة بكلية الطب والعلوم الصحية، وخسره الطالب والمريض، ولكنه قضاء الله وقدره ولا راد لقضائه ولا اعتراض على ذلك.
رحم الله حبيبنا وأخونا وأستاذنا وعميدنا وزميلنا وأبونا الروحي الأستاذ الدكتور/علي يافعي، فقد تأثرت كثيراً بفقدانك الأبدي، وعندي ثقة أن كل من تعامل معك وعرفك سيتأثر كثيراً بغيابك وإن اختلف معك لأنك شخصية إنسانية مميزة لا تجرح أحدا، نسأل الله تعالى أن يتولى فقيدنا بواسع رحمته، وأن يتغمده في فسيح جناته، ونبتهل إلى الله العلي القدير أن يُلهِم أسرته ومحبيه ويُلهِمنا وطلابه الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.